إيمان الهاشمي

في بعيد ذلك الزمان، وفي فرنسا لتحديد المكان، وُلد أفضل عازف لآلة «الأورغان»، والذي اعتبره البعض الملحن الأول موسيقياً، والمتخصص بها حَرْفياً وحِرَفياً، أي الماهر فيها فِعلياً، والمشرف عليها رسمياً، وذلك عبر مؤلفاته السمعية المتجدِّدة، وأفكاره النوعية المتعدِّدة، وألحانه المتميزة المتفرِّدة، المعروفة باسم «الموسيقى البوليفونية»، وتعني تعدّد الأصوات بشتى الأساليب الفنية، بهدف أن تكون مليئة بالحب والعطف والحِنِّية، من خلال صياغة النغم وتركيب الجُمل اللحنية، للوصول إلى الأهداف الموسيقية والمطالب المَعنية، بضرورة تحسين ورفع الروح المعنوية.
الجدير بالذكر أنه بعد الدراسة والتقصي والاستطلاع، اتفق أشهر الباحثين والمؤرخين بالإجماع، أن الفرنسي (ليونين) كان غريب الأطباع، وكثير الأَتْـباع، وقليل الاتِّــباع، ولكنه كان منبع الابتكار والإبداع، وذلك لكونه أول مَن تحكَّم بصفات الإيقاع، مِن حيث سرعة الزمن وقوة الاندفاع، كما أنه أول مَن وضع رموز النقل للاستماع، إلى صفاء الذهن والاسترخاء والاستمتاع، وكذلك للتقليل من حدة النزاع والصراع والصداع، وللتخفيف من شدة الهم والغم والضياع، ولاكتساب بعض الهدوء والسكينة والراحة القلبية، وهكذا استمرت أحوال الأغنية الطربية، حتّام أصبحت أعماله مهداً للفنون الغربية.
بعيداً عن مصادر الأسى والألم والأنين، واليأس والإحباط والبؤس الحزين، وارتفاع ضغط الدم ونسبة الأدرينالين، وربما مغالطة الفنانين ومخالطة المجانين! تماماً كالرقص مع الشياطين! (يا لهذا الوصف المشين!) المهم أنه بعيدٌ جداً عن ذكريات ذلك العصر المُهين، عصر الحُكم المُذِل والعذاب اللعين، والتمادي في استبداد سلطة رجال الدين، الذين استمر طغيانهم على مر السنين، ولكن في الوقت ذاته قريباً من التراث الموسيقي الأصلي الثمين، مع الكثير من مشاعر العودة إليه والحنين، والقليل من توافر الأدلة والحجج والبراهين، التي من شأنها تحديد الواقع في ذاك الحين، ليبقى الجميل أن العلماء أجمعين، اتفقوا على أن المبدع (ليونين)، حتماً من أهم الأوائل الذين أجادوا فن التلحين.

أخبار ذات صلة

اقتصاد الطبيعة والفرد
الصمت غير مبرر