جورج فهيم

تعطل إشارات التعريف وتنقل حمولتها لسفن ترفع أعلاماً أخرى

جورج فهيم

أكدت العديد من كبرىات شركات تتبّع ناقلات النفط، أنها لم تعد قادرة على تتبع حركة الناقلات الإيرانية التي باتت تتقن فن التحايل على العقوبات الأمريكية المفروضة على صادرات النفط الإيرانية عبر التخفي عن أعين المراقبة بمساعدة الصين وعدد من الدول الآسيوية بما فيها ماليزيا وسنغافورة وباكستان.

وتلعب بعض هذه الدول دوراً في تقديم مستندات مزورة لشحنات النفط الإيراني لإعطائها صفة قانونية مقابل حصولها على تخفيضات سعرية ضخمة عند شراء النفط الإيراني.

ويشير خبراء، لوكالة بلومبيرغ، إلى أن كميات كبيرة من صادرات النفط الإيرانية تدخل الصين دون أن تظهر في بيانات الجمارك الصينية أو حتى تمر عليها، وإنما تبقي في منشآت تخزينية عائمة خارج الحدود، وتعامل على أنها جزء من احتياطيات النفط الاستراتيجية الصينية.

ولا يحصر أسطول ناقلات التهريب الإيرانية نشاطه في الصين فقط، وإنما يمتد ليشمل عدداً من موانئ جنوب أوروبا ولا سيما ألبانيا والجبل الأسود والبوسنة والهرسك والصرب ومقدونيا وكرواتيا، بل وحتى وسطاء الاتجار في النفط.

وعبر هذه الموانئ ينتقل النفط الإيراني إلى أسواق استهلاك النفط الأوربية الكبرى عبر تركيا.

أخبار ذات صلة

معرض دبي للطيران 2023 ينطلق الاثنين.. ماذا ننتظر؟
بريطانيا: حظر أدوات المائدة البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد اعتباراً من أكتوبر


وأبلغ رئيس وحدة استخبارات النفط في شركة «جرينسكيب غلوبال» ديفين جيوغيغان وكالة بلومبيرغ بأن إيران أصبحت ببساطة أكثر مهارة في تهريب نفطها على نحو فاق أكثر التوقعات تفاؤلاً.

ومن المؤكد أن إيران اكتسبت خبرة طويلة في تهريب النفط خلال الجولة الأولى من العقوبات في عام 2015 والتي كانت إيران تقوم خلالها بوضع ملصقات على جانبي ناقلاتها تفيد بانها تتبع دولاً أخرى باتفاق مسبق معها.

ووفقاً لموقع «تانكر تراكرز» المتخصص في متابعة حركة الناقلات، فان إيران صدرت نحو 800 ألف برميل من النفط الخام والمكثفات، ومن بين هذه الكمية التي تزيد عن تقديرات بقية شركات تتبع الناقلات، هناك نحو 400 ألف برميل، توجهت لجهات غير معلومة.

ويرى المؤسس المشارك للموقع سمير مدني أن الـ 400 ألف برميل المذكورة، انتهي بها المطاف على متن سفن أخرى عبر آلية النقل من سفينة إلى سفينة، مشيراً إلى أن أغلب السفن التي استقبلت النفط الإيراني لها علاقة بالصين.

ويقول مطلعون على صناعة تتبع ناقلات الشحن أن الناقلات الإيرانية تقوم بمجرد مغادرتها لميناء الرحيل، بإيقاف تشغيل إشارة جهاز التعريف، المميز الذي تخصصه منظمة الملاحة البحرية الدولية لتحديد هوية كل سفينة، حتى تدخل ميناء الوصول لتفادي تتبع حركتها.

ويشير الرئيس التنفيذي لشركة «أكس أويل» فلوريان ثالر إلى أن تتبع حركة الناقلات عند إيقاف جهاز إشارات التعريف يحتاج إلى حزمة متطورة جداً من الأدوات، وبطبيعة الحال فإن قلة من شركات تتبع الناقلات تملك هذه الحزمة المتطورة من الأدوات.

ويضيف ثالر أن اختلاف التقنيات المستخدمة في تتبع الشحنات التي تطبقها كل شركة يزيد من تعقيد الأمور، خاصة وأن النقل من سفينة إلى سفينة أصبح هو وسيلة التهريب المفضلة لإيران لتفادي العقوبات ومواصلة تصدير النفط.



ويلفت الخبراء إلى أن حجم الشحنات المهربة يمكن أن يكون مؤشراً على حالة مجمل صناعة النفط الإيرانية وبالتالي الصادرات.

وتقول شركة «غرينسكيب» إنها قامت بتحليل بيانات الغاز المتصاعد من حقول النفط الإيرانية، وتوصلت إلى أن إنتاج النفط ألإيراني منذ الربع الأول من العام الماضي لم ينخفض سوى بنسبة 15 في المئة فقط.

وترى غرينسكيب أن الإنتاج الإيراني يقدر بنحو 3.9 مليون برميل يومياً، وبناء على المقارنات التاريخية فإن صادرات إيران من النفط تتراوح بين 500 ألف برميل إلى مليون برميل يومياً.

ولكن رئيس وحدة استخبارات النفط في شركة «غرينسكيب غلوبال» يري أن جانباً كبيراً من إنتاج النفط الإيراني حالياً يخزن في منشآت نفطية، وبمجرد امتلاء هذه المنشآت سيعود إنتاج النفط الإيراني إلى الانخفاض مرة أخرى.

وتتباين تقديرات شركات تتبع الناقلات لحجم صادرات النفط الإيراني، ففي حين تقدر شركة «تانكر تراكرز» حجم صادرات النفط الإيرانية خلال شهر أغسطس الماضي بنحو671 ألف برميل يومياً، تقدر شركة «كيبلرز» الصادرات بنحو 160 ألف برميل يومياً، فيما تقدر شركة «أكس اويل» حجم الصادرات بنحو361 ألف برميل يومياً.

ويرى سمير مدني أن تقديرات شركات تتبع النفط تكون في العادة أقل من الحقيقية لأنها تعتمد فقط على رصد الإشارات الصادرة عن أجهزة تعريف الهوية.

ويشير سمير إلى أن الاستعانة بصور الأقمار الصناعية جنباً إلى جنب مع بيانات تتبع الناقلات يمكن أن يوفر صورة أكثر دقة عن حجم الصادرات الإيرانية، ولكن حتى في حالة الاستعانة بصور الأقمار الصناعية يجب ألا نتوقع أن تتطابق تقديرات شركات تتبع شحنات الناقلات.

ويرى سمير أن الفارق في تقديرات شركات التتبع لا ينبع من قصور في أدوات الرصد فقط، وإنما ينبع أيضاً من تطبيق معايير محاسبية مختلفة تؤدي في النهاية إلى تباين التقديرات ويلفت سمير إلى أن بعض شركات التتبع ترصد كل الكميات المحملة على أنها للتصدير بالرغم من أن بعضها قد لا يباع في الخارج بالضرورة.ومن جانبه، يشير الرئيس التنفيذي لشركة «بترو لوجيستيكس» دانيال جيربر إلى أن التقديرات الأعلى تدمج في حساباتها الكميات الموجهة إلى التخزين سواء في الخارج أو الداخل، ولا تفصلها عن الكميات الموجهة للتصدير.اتبعت إيران في الجولة الأولى من العقوبات سلسلة من حيل تهريب النفط عبر حدود الدول المجاورة لها، لا سيما العراق وباكستان مستخدمة أساطيل برية تعبر الحدود محملة بكميات كبيرة من النفط، لكن إيران استطاعت مع دخول الجولة الثاني من العقوبات حيز التنفيذ في مايو الماضي تطوير شبكة معقدة لتهريب النفط تضم أساطيل سفن وشركات شحن وشركات تأمين ومصارف.شبكة تهريب متكاملةثغرات فنية ومشكلات محاسبية تحول دون تقدير كميات النفط الإيراني المهربة

بيانات الجمارك الصينية لا تظهر الصادرات الإيرانية وتعتبرها احتياطياً استراتيجياً

شركات تتابع الناقلات تستعين بالأقمار الصناعية لرصد الخداع الإيراني