ترجمة: هاني نور الدين

لأكثر من 40 عاما ماضية، ظل المبني المعروف بـ «البيضة» مهجوراً كأحد ضحايا الحرب الأهلية في لبنان، مثله مثل عدد من المباني بوسط بيروت، إلا أن المتظاهرين وسط الاحتجاجات الحالية أبوا إلا أن يبثوا فيه الحياة من جديد، حيث عاد إلى الهدف من إنشائه، فتحول إلى ما يشبه مركزاً للثقافة والفنون وداراً للسينما ومسرحاً للمضطهدين.

وتجمع الأسبوع الماضي حشد من اللبنانيين في جنح الظلام في هذا المبنى الخرساني لقضاء ليلة من العروض السينمائية، وهو ما كان يعتبره البعض أمراً مستحيلاً قبل الاحتجاجات الحالية في لبنان.

من بين هؤلاء الحضور، أفرام شمعون، 20 عاماً، والذي يدرس تصميم الغرافيك، حيث سمع عن المبنى من أبويه وأجداده إلا أنه لم يعتقد أبداً أن تتاح له فرصة رؤية المبنى من الداخل ناهيك عن مشاهدة أفلام بداخله، قائلاً «كان من المفترض أن يكون دار سينما، إلا أنه دمر في الحرب الأهلية، ووجودي هنا اليوم هو نوع من الخيال والشعور العاطفي الرائع الذي تعجز الكلمات عن وصفه».

قبل الاحتجاجات المناهضة للحكومة في الـ17 من أكتوبر الماضي، كان المبنى المشيد في ستينات القرن الماضي، موحشاً ومغلقاً، إلا أن المتظاهرين تمكنوا من الدخول إليه والوصول إلى سطحه عبر عدد من السلالم المعدنية المهترئة والمتهالكة.

ومنذ ذلك الحين تحول المبنى إلى مكان عام وما يشبه مركزاً للفنون والثقافة، حيث تلون الكتابات والرسوم الغرافيتية حوائط المبنى، على يد شباب يعبرون عن أنفسهم فنياً ليلاً ونهاراً.

وأكد أحد المنظمين السبعة الذين يقبعون خلف فكرة ليلة العروض السينمائية التي بدأت من السابعة مساء وحتى منتصف الليل أن الفكرة ولدت عبر صفحة على فيسبوك تدعى Eggupation بهدف أن يتحول البيضة إلى ساحة للنقاش السياسي والتدريس، لكن المشروع لاحقته اتهامات بالنخبوية.

أخبار ذات صلة

تدريس إدارة الأموال لتلاميذ الابتدائية في بريطانيا
النحت بقش الأرز.. مهرجان سنوي للفنون من مخلفات الزراعة باليابان


وأضاف، أيمن مكارم، 25 عاماً، كاتب لبناني، «ما أردنا فعله هو جعل السينما مكاناً يستقبل أي شخص من الشارع للراحة والاسترخاء، دون أن نفك ارتباطنا بالتظاهرات، حيث نعرض أفلاماً تميل إلى الجانب السياسي».

ويختار مكرم والمنظمون الآخرون الأفلام بمنتهى العناية، حيث عرضوا عدداً من الأعمال ذات الموضوعات السياسية أو الثورية، واللبنانية إلى حد كبير، حيث تحمل توقيع صناع سينما لبنانيين من بنات وشباب.

وهم في ذلك مسلحون فقط بجهاز عرض «بروجكتور» ومولد كهربائي ومكبر صوت، تم التبرع لهم بها، إضافة إلى جهاز لاب توب لتشغيل الأفلام ومشمع كشاشة عرض.

وضمت سلسلة الأفلام المعروضة في تلك الليلة السينمائية 3 أفلام قصيرة، وفيلمين وثائقيين، بينما حذف فيلم روائي طويل من برنامج العرض لأنهم لم يعثروا على نسخة منه مترجمة بالعربية، وهو أمر مهم للغاية للمنظمين الذين يسعون لإتاحة الفرصة للجميع لمشاهدة الأفلام وفهمها والاستمتاع بها، خاصة أن صفحة Eggupation ارتبطت مع الناس بأنها موجهة للنخبة ممن يجيدون الإنجليزية، لكن القائمين على العروض يريدونها للكل.

وربما غابت الأجيال الأكبر سناً عن هذه العروض السينمائية الليلية، بسبب عامل الوقت، إضافة إلى أن الترويج لها كان عبر سوشيال ميديا.

وإلى الآن، يفتح «البيضة» أبوابه للجمهور، بينما يأمل منظمو الليلة السينمائية عرض المزيد من الأفلام، وفي هذه الأثناء يعمل أيمن مكارم على إبداع «مسرح للمضطهدين» في الفضاء بمشاركة المشاهدين، ليحولهم من متفرجين، إلى ممثلين.

عن صحيفة «ذا ناشيونال» الإماراتية