صفاء الشبلي

لم تتمالك المصرية هند دموعها التي انهمرت كالشلال عندما قررت أن تترك منزل والديها كي تعيش بمفردها عقب طلاقها بثمان سنوات، خلعت ثوب الأنوثة منذ ذلك التاريخ في الأساس، وقررت مواجهة المجتمع، لكن إصرار والديها على بقائها تحت «جناحهم» خوفاً من كلام الناس، جعلها تخضع للعيش معهم، لكنها أخيراً أقنعتهم بضرورة العيش بمفردها، خصوصاً أن ابنتها الوحيدة من زيجتها قد كبرت بشكل كافٍ لتستوعب العيش مع والدتها بمفردها دون رجل.

دموع هند لم يكن سببها أنها تركت في الأساس منزل العائلة، لكنها كانت لسبب آخر شكّل بالنسبة لها صدمة كبرى حين رفضت مالكة العقار التي استأجرت منها «شقة» أن تكتب عقد الاتفاق باسمها، لسبب وحيد كونها مُطلقة، ولم يتم حل الأمر سوى بتدخل والدها ليكتب العقد باسمه متعهداً بالمسؤولية عن أي مشكلات قد تحدث مُستقبلاً، حسبما طلبت المالكة.

استدعى طلب سيدة العقار كل الذكريات السيئة في مخيلة هند، تذكرت كيف رفضها أهل محمود الشاب الذي أحبها وتعلقت به بعد أن تعرف إليها عقب طلاقها بعامين، لتنشأ بينهما قصة حب كبيرة، لكن رفضها الأهل لسبب وحيد كونها مُطلقة.

تقول هند لـ«الرؤية»: «حينها اسودت الدنيا بوجهي وقررت ألا أتزوج مرة أخرى، كُسر قلبي، ولن يُكسر مرتين، فقد عشت تجربة مُدمرة، حد وصفها».

أخبار ذات صلة

تدريس إدارة الأموال لتلاميذ الابتدائية في بريطانيا
النحت بقش الأرز.. مهرجان سنوي للفنون من مخلفات الزراعة باليابان

ودائماً ما تُوجه الاتهامات للمُطلقة في المجتمع المصري، بأنها السبب في بيتها لأنها لم تحتوِ زوجها، بخلاف نظرات سلبية أخرى تتعرض لها سواء من الرجال الذين يرونها «سهلة»، والنساء اللاتي يرفضن صداقتها في الغالب خوفاً على أزواجهن، إضافة إلى حصار نفسي ومادي ومضايقات مجتمعية عدة، وتظل فرصتها في الزواج «عن حب ضعيفة» خصوصاً مع وجود أبناء.



إحياء الأمل

داعبت ياسمين عبدالعزيز التي جسدت شخصية مهندسة الديكور غالية، أحلام المطلقات في الحصول على فرصة حب ثانية بعد زيجة أخرى، وأصبح مراد السويفي الذي جسد شخصيته كريم فهمي أمل كل مطلقة، تريد خوض تجربة الزواج الثاني بعد قصة حب، وليس الزواج لمجرد الزواج.

الانتصار على فكرة «أنتِ مطلقة، وعندك بنت، وابني متجوزش.. أنتِ مش شبهنا» كان ملخص نظرة المجتمع للمطلقة، كما جسدها المُسلسل على لسان شخصية الأب، انتصار غالية ومراد وزواجهما في النهاية، كان بارقة الأمل لأغلب المطلقات الواقعات بين رحى نظرة المجتمع للمطلقة، ومقولة «عيشي وربي عيالك من غير راجل»، التي يُطلقها الأهل والمجتمع والأصدقاء... إلخ.

وعلى أرض الواقع وأثناء عرض المُسلسل داعبت ياسمين عبدالعزيز على أرض الواقع مرة أخرى أحلام المطلقات، بإعلان زواجها الرسمي من الفنان المصري أحمد العوضي، لا سيما بعد طلاقها من رجل الأعمال محمد حلاوة، لتصبح ياسمين أيقونة الأمل والسعادة في آن واحد لكل سيدة فشلت زيجتها.

أجرت «الرؤية» استطلاعاً لرأي سيدات مطلقات في مجموعة نسائية مُغلقة، فتقول نيفين سعد «لم أشاهد المسلسل خلال شهر رمضان، بكيت بحرقة بعدما شاهدته على (يوتيوب)، دعيت الله أن يعوضني بحب صادق مثلما حدث مع غالية في المسلسل، وياسمين في الواقع، رغم أنني أعرف أن ظروفي وسني قد لا يسمحان بذلك، لكن أتمنى أن أجد رجلاً (يطبطب) عليّ، ويطبب آلام تجربة زواجي السابقة».

وتقول سها: «كل (ست) تطلقت ولم تشعر بالأمان وضعت نفسها مكان غالية، من (كتر وجعنا) أصبحنا نبحث فقط على الأمان والحنية، وأتمنى أن تحصل كل مطلقة على حب حياتها كما حدث في المسلسل».

أما نهى فتقول «أعرف بشكل شخصي سيدة انفصلت مع طفل من ذوي الهمم، ورفضت الزواج مرة أخرى، وضحت بحياتها في سبيل رعاية ابنها، وشاء الله أن يتوفى ابنها المُعاق بعد 20 عاماً، ثم والدتها، وكان عوض الله أن التقت برجل أحبها من صميم قلبه، وعاشت معه كفتاة في العشرين، فالحب والعوض في أي وقت».



خروج من عباءة المجتمع

أما أميرة العادلي فتقول: «عندما بدأ الضغط العائلي على (غالية) للعودة لزوجها السابق من أجل ابنتها، وكلمات الوصم الاجتماعي ناحية المطلقة من والد حبيبها، ترقبت النهاية وتساءلت هل ستكون مثل توقعات المجتمع الذي يحرم المرأة من بدء حياة جديدة، لكن خالف السيناريست التوقعات وقرر أن يقول لا للأفكار المُتخلفة، ليكون (ونحب تاني ليه) من أرقى المسلسلات التي ناقشت مشكلات المرأة المُطلقة».

أما محاسن صابر مؤسسة راديو المطلقات فتقول لـ«الرؤية»: «الدراما في أغلب الأحوال ما هي إلا محاكاة للواقع، وما حدث من رفض للأهل وضغطهم على (غالية) للرجوع مرة أخرى لطليقها، إضافة لموقف والد حبيبها، كله واقع يحدث وسيستمر في الحدوث، حتى وإن كان هناك خروج عن تلك القاعدة في بعض الأحيان، وأنا شاهدة على حالات حب لمطلقات وتجارب زواج ثانٍ لهن ناجحة، إلا أنها لم تخلُ من عبارات الغمز واللمز من المجتمع».

وتستطرد «لكن يظل النظر للمُطلقة على أنها امرأة درجة ثانية، لذا لا بد أن تخلق كل مطلقة من قصص الفشل نجاح، لا بد أن تُكمل حياتها، وتخلق لنفسها دوراً إيجابياً ومؤثراً في مجتمعها وأسرتها، وبين أصدقائها، ويجب أن تربى كل امرأة أولادها على أن المُطلقة ليست وصمة عار، هي كائن دخل في تجربة وليس لها أي ذنب في فشلها، فتغيير النظرة إلى المُطلقات مسئولية كل النساء، لأن تربية رجال المستقبل مسئوليتهن بالأساس».