صفاء الشبلي

ساعات قليلة تفصلنا عن بداية العام الجديد 2022، وربما يتبادر إلى ذهننا تساؤل عن أسباب اختيار هذا اليوم تحديداً للاحتفال، هل لاختياره دون غيره سبب وجيه؟



بداية عام جديد


تاريخياً لاحظ الإنسان القديم أن تغيير حالة الجو له علاقة بالزراعة، التي أصبحت أساس حياته مُنذ الثورة الزراعية سنة 9000 قبل الميلاد، ومنها عرف فصول السنة واهتم بحسابها بل واخترع تقويمات تحدد التواريخ المُرتبطة بأهم الأحداث التي لها وقع على الإنتاج الزراعي.

وفطن الإنسان القديم إلى أن هناك يوماً مُميزاً يمثل نهاية كل تغيير في حالة الجو، لذا اختار يوماً رمزياً يُمثل نهاية دورة وبداية دورة جديدة لفصول السنة، بحسب ما لاحظ الإنسان القديم أن يوماً ما خلال السنة يمُثل نهاية دورة الفصول وبداية دورة جديدة.

أما في التقويمات: البابلي والإيراني الحديث والهندوسي مثلاً فتبدأ السنة في فصل الربيع، حيث تتخذ الطبيعة رونقاً جديداً، وتعود الحياة بعد ظروف صعبة أثناء الشتاء.

أخبار ذات صلة

تدريس إدارة الأموال لتلاميذ الابتدائية في بريطانيا
النحت بقش الأرز.. مهرجان سنوي للفنون من مخلفات الزراعة باليابان

تتنوع الاحتفالات برأس السنة حول العالم وتختلف طقوسها.


أما في حضارات أخرى تواجدت في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية فإن تغيير الفصول بالنسبة لهم يبدأ في 21 أو 22 ديسمبر، في التقويم الجريجوري، حيث يمثل أحد هذين اليومين أقصر نهار وأطول ليل في العام كله، وكانت تتم الاحتفالات في هذا اليوم قبل أيام الشتاء القاسية حيث ابتداء من ذلك اليوم يبدأ النهار في الاستطالة تدريجياً مرة أخرى، كما أنه كان يمثل آخر احتفال قبل أيام الشتاء القاسية، وفي هذا اليوم المُميز يتم ذبح جزء كبير من الماشية لسببين الأول وليمة للمُحتفلين أما الثاني فهو تقليص عدد رؤوس الماشية التي يجب إطعامها في فصل الشتاء الذي لا تتوافر فيه أغذية الماشية بشكل كافٍ.

يحتفل الناس حول العالم بالعام الجديد باختلاف دياناتهم وطوائفهم.


ومع بداية شهر يناير يبدأ النهار في زيادة ساعاته تدريجياً، وتبدأ الأرض في الثاني والثالث من هذا الشهر في الاقتراب أكثر من الشمس أكثر من أي وقت آخر، لكن في كل الأحوال يبقى السؤال لماذا الاحتفال برأس السنة في الأول من يناير تحديداً وليس يوماً قبله أو بعده؟ هل لذلك تفسير ما، في حقيقة الأمر ليس هناك ثمة تفسير لذلك، وليس هناك ما يجعل هذا اليوم مُميزاً دون غيره.

والسبب في اختيار هذا اليوم تحديداً يعود ليوليوس قيصر Julius Caesar، إمبراطور روما، الذي جعل الاحتفال بالإله يانوس Janus بداية للسنة، و هو إله الزمن و البدايات والأبواب، الذي سمي شهر يناير باسمه أيضاً.



ويُمثل الإله يانوس بوجهين الأول ينظر نحو الماضي ويتطلع الآخر للمُستقبل، وجاء هذا اليوم أيضاً مُتوافقاً مع السنة الإدارية الرومانية حيث يتم تعيين القناصل وهي أعلى الرتب داخل الإمبراطورية.

ومع انتشار المسيحية في أوروبا اعتبر البعض أن الاحتفال برأس السنة عادة وثنية، واحتفلوا برأس السنة في تواريخ أخرى، مثل أول مارس، إلى أن قرر البابا جريجوري الثالث عشر مع نهاية القرن السادس عشر توحيد الاحتفال برأس السنة و إصلاح التقويم بإضافة يوم للسنة في شهر فبراير كل أربع سنوات وهو ما يُعرف بالسنة الكبيسة.

احتفالات العام الجديد.


ومع نهاية القرن الـ18 أصبح الاحتفال برأس السنة في الأول من يناير يوماً رسمياً للاحتفال في كل دول أوروبا ومستعمراتها حول العالم.

وفي العصر الحديث يحتفل الناس حول العالم باختلاف طوائفهم ودياناتهم برأس السنة الجديدة بأشكال مُختلفة، تعبيراً عن فرحتهم بقدوم العام الجديد.