جدل البطولة المقترحة يتزايد

لم يتأخر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو في الرد على تسريبات تخطيط عدد من أندية القمة الأوروبية تنظيم بطولة خاصة تحت مسمى «سوبر ليغ»، تنفرد الأندية بتنظيمها بعيداً عن اتحادات كرة القدم المحلية أو الاتحادين الإقليمي والدولي.

وهدد إنفانتينو أندية القمة بالحرمان من المشاركة في البطولات الرسمية التي ينظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، حال تنفيذ خطة دوري سوبر ليغ بمعزل عن المؤسسات التنظيمية المسؤولة.

وبعثت تصريحات إنفانتينو شديدة اللهجة، لدى جلوسه إلى طاولة نقاش مصغرة مع عدد محدود من وسائل الإعلام العالمية نهاية الأسبوع الماضي، برسالة واضحة إلى مجموعة الأندية الكبرى، مفادها «إما أن تكونوا داخل منظومتنا الرياضية أو خارجها».

غير أن تلك اللهجة الصارمة فتحت أبواب التساؤلات حول علاقة المؤسسة الكروية الكبرى مع أندية القمة في أوروبا، وأثارت المخاوف حول وجود بوادر عصيان ناتج عن ملل الأندية الكبرى، ما يدفعها للتفكير في مواجهة السلطة التنظيمية في الاتحادين الأوروبي والدولي.

وفي ظل صمت أندية القمة في الدوريات الكبرى حول التقارير عن اجتماعات تدور حول مقترح دوري سوبغ ليغ، خرجت رابطة الدوريات الأوروبية برأي يعارض فكرة تنظيم البطولة الجديدة، مؤكدةً ضرورة الالتزام بالعمل المؤسسي والتنسيق مع الاتحادات المحلية والإقليمية بشأن تطوير مسابقات كرة القدم.

وتأتي هذه التقارير عن عزم مجموعة الأندية الثرية والشهيرة، شق طريقها ببطولة خاصة، في وقت تمر كرة القدم بفترة توتر يشوب العلاقة بين الاتحادين الدولي والأوروبي للعبة، على خلفية إعلان فيفا في مارس الماضي، رغبته في تنظيم بطولة عالمية للأندية، مدعومة بمليارات الدولارات، تأتي في شكل نسخة مطورة من كأس العالم للأندية، وتنافس دوري أبطال أوروبا (شامبيونزليغ).

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


غير أن أي خطوة تأتي دون دعم من سلطات كرة القدم، وكل منافسة تُلعب دون مباركة المؤسسة التنظيمية المسؤولة، يشملها تهديد رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم بأن «أي مجموعة من اللاعبين تلعب كرة قدم غير منظمة، فإنهم خارج منظومة كرة القدم وبطولاتها الرسمية، بما في ذلك الدوريات المحلية، مسابقات الاتحاد، اليورو وكأس العالم».

* تمرد

يشمل تخطيط نحو 12 نادياً من كبار الأندية الأوروبية، لما يسمى بدوري سوبرليغ، ترك مسابقاتهم المحلية واللعب في مواجهة بعضهم البعض في بطولة خاصة تنطلق في العام 2021.

وبحسب التسريبات الإعلامية حول البطولة الجديدة، فإن ريال مدريد يقود محاولة الخروج عن طوع المؤسسات التنظيمية لكرة القدم، بالتنسيق مع أندية يوفنتوس، برشلونة، مانشستر يونايتد وليفربول كشركاء رئيسين، في الخطة التي أعدتها مجموعة «كي كابيتال بارتنرز» الاستشارية التابعة لريال مدريد، وشركة البناء «أي سي إس» المملوكة لرئيس النادي الإسباني فلورنتينو بيريز.

وبينما امتنع ريال مدريد عن التعليق، قال خافيير تيباس، رئيس رابطة الدوري الإسباني للمحترفين «إنها تبدو فكرة قد تم إعدادها في الخامسة صباحاً في أحد النوادي».

ورغم اعتراضه على مخطط الأندية الكبرى، رفض تيباس مساندة رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، حول مساعيه التنظيمية منذ توليه رئاسة فيفا خلفاً لمواطنه جوزيف بلاتر في العام 2016، مبيناً «لقد حصل على الوقت الكافي للقيام بالتطوير، غير أننا لم نلحظ تطوراً حتى الآن».

* مخاطرة

يظل السؤال الأهم حول تخطيط أندية القمة لتنظيم بطولة خاصة، هو الذي يبحث حول الدوافع التي تشجع أندية شهيرة للخروج من نطاق بطولاتها المحلية والإقليمية، والتنافس في دوري مصغر دون الارتباط بقيود الاتحادات والروابط.

ويرى محللون أن هذه الأندية تبحث في المقام الأول عن المزيد من الاهتمام، وأداء مباريات أقل بأهمية أكبر، أي مواجهات لا تشمل اللعب أمام الأندية الصغرى، وكذلك الحصول على عائدات مالية أكبر، بإبعاد المؤسسات التنظيمية من التدخل في آليات توزيع الدخل.

لكن في المقابل، تخاطر هذه الأندية بالابتعاد عن تقاليد كروية وتنظيمية راسخة، هي التي منحتها المكانة والشهرة، كما أن هذه الخطوة تلصق بالمسؤولين عن أمر أندية القمة الأوروبية سمعة السعي فقط لجمع المزيد من الأموال والاهتمام بأنفسهم، وتجاهل ثقافات وتقاليد كرة القدم التي قادتهم إلى القمة.

من جهة أخرى، يرى بعض المؤيدين لتوجه الأندية الكبرى نحو التفكير في الابتعاد عن بطولات كرة القدم بشكلها الحالي، بعض المنطق، إذ يعتقدون أن ما تفعله أندية كرة القدم الأخرى لا يتعدى كونه محاولات لمقاومة الانهيارات الداخلية، في حين يتدافع لاعبو ومدربو هذه الأندية نحو فرصة الانتقال إلى أحد فرق القمة، وبالتالي الحصول على أربعة أضعاف أجورهم الحالية.

وأضاف هؤلاء أن بطولات كرة القدم المحلية والإقليمية بشكلها الحالي، تعاني من اتساع نطاق عدم التوازن التنافسي، لذا يتضاءل عدد المباريات المهمة في مسابقاتها، وتقتصر الإثارة في مواسمها على عدد قليل من المباريات رفيعة المستوى، تحيط بها العديد من المواجهات والإجراءات الشكلية.

* تساؤل

محاولات الأندية الكبرى للخروج من عباءة السلطات الكروية، لن يقتصر تأثيرها على الجوانب المالية أو التنظيمية، بل يجب الأخذ في الاعتبار التأثير الفني لمثل هذا الخروج المحتمل، وهو ما يعني أن دوري السوبر سيحصل على أفضل اللاعبين والمدربين، لكن الأمر الأكثر إثارة هو الفائدة الأخرى التي ستجنيها الدوريات التي ستخرج منها تلك الأندية، إذ سترتفع المنافسة بينها لجهة التقارب الفني الكبير الذي سيحدث بينها.

أما بالنسبة للأندية التي تنوي مغادرة بطولاتها المحلية، فيتساءل البعض ما إذا كان الفصل بين النادي وبلده سيمضي دون التأثير في هويته، إذ يبدو تنافس الفريق في دوري غير ذي صلة بمؤسسة كرة القدم في البلد الذي يأوي مشجعيه، أمراً غريباً على تقاليد وثقافة كرة القدم.

أما الأمر الأكثر تعقيداً في مواجهة خطط البطولة الجديدة، هو أن قيامها سيتضمن بالتأكيد أن تقبل بعض هذه الأندية الكبرى واقع تأخرها في منتصف أو أسفل الترتيب، الأمر الذي لا يتقبله واقعها الحالي في بطولاتها المحلية.

وهناك المزيد من التساؤلات التي تدور حول إمكانية تطبيق دوري السوبر على أرض الواقع، أبرزها ما يتعلق بآلية الصعود والهبوط التي اعتادت عليها الأندية كأساس لمنافسات الدوري، أو ما يتعلق بمستقبل الفريق الرديف لدى الأندية الكبرى.

* أمل

الآن، لم يعد خافياً على أندية القمة التي تقف وراء خطة دوري السوبرليغ، أن الانفصال عن التسلسل الهرمي التاريخي لكرة القدم، أو الخروج عن سلطة فيفا والهيئات القارية الست، و211 اتحاداً وطنياً، سيسمح للمسؤولين بحظر لاعبيها عن المشاركة في المنافسات الكبرى، بما في ذلك بطولة كأس العالم.

وبحسب ألاسداير بيل، مدير الشؤون القانونية في الاتحاد الدولي لكرة القدم، فإن الفكرة وراء مناهضتهم لمثل هذا المخطط هي «إذا أردت الانفصال فليكن انفصالاً بالكامل، لا يمكن أن تضع قدماً هنا وقدماً هناك».

ولا يزال رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو، على ثقة بأن التهديدات التي تصدر من بعض الأندية ستهدأ في وقت قريب، مبيناً «أثق بالتأكيد في رؤية مالكي ورؤساء الأندية، سيتمكن الجميع من إجراء مناقشة مفيدة».

وأكد إنفانتينو عزم فرق عمل فيفا تجديد تقييم المسابقات وتطبيق الخطط المالية المربحة للأندية المشاركة، بجانب الاحتفاظ بالأموال ضمن منظومة عائلة كرة القدم، واستخدام نسبة 25 في المئة من الأرباح للمشاركة في تطوير كرة القدم على مستوى العالم.