مروة السنهوري

جمهور كامل العدد .. ونص متماسك مزج التراثي بالحداثي

مروة السنهوري - الشارقة

نقل مهرجان المسرح الصحراوي الذي انطلقت فعالياته مساء أمس الأول أبوالفنون إلى قلب الصحراء بفضاءات جديدة غير تقليدية، تمثل تحدياً حقيقياً لمبدعيه، فيما جاءت بعض حلول هذا التحدي، عبر الاستعانة بمفردات طبيعية شكلت مشاهد سينوغرافية مبتكرة، فيما كسب أبوالفنون رهان الجمهور، عبر حضور كامل العدد، في ليلة المهرجان الافتتاحية.

وتابع الجمهور الملحمة المسرحية «الفزعة» التي قدمها مسرح الشارقة الوطني من تأليف وأشعار سلطان النيادي وإخراج محمد العامري، وبمشاركة نخبة من فناني المسرح الإماراتي.

واحتفى العرض الافتتاحي بالبيئة الصحراوية الإماراتية وما تحمله من عادات وتقاليد وموروث وقيم عربية أصيلة، انعكست على سلوك الإنسان العربي من مكارم الأخلاق وقيم نبيلة، ومن هذه القيم «الفزعة» وهي الثيمة الرئيسة للعرض.

فرادة الفكرة

ونبش الكاتب الإماراتي سلطان النيادي في الذاكرة الصحراوية الإماراتية التي تعج بالكثير من القيم، مستفيداً من الأشكال التعبيرية وعناصر التجريب والبحث المتواصل عن أطر جديدة لشكل المسرح.

أخبار ذات صلة

«إصدارات أدبية تسجل تاريخ الوطن» ندوة بالأرشيف والمكتبة الوطنية
«دبي للثقافة» تدشن «التبدّل والتحوّل» في مكتبة الصفا


ويدور العرض حول قبائل تتصارع فيما بينها وتفزع إحداها للأخرى، في المقابل ترفض إحدى القبائل الانخراط في فزعة أهاليها مما يجرها إلى الانعزال عن محيطها.

الفكرة ربما تكون مكررة إلا أن قراءة المخرج لها بصرياً وتجسيدها على الخشبة الصحراوية تميزت بالجدة والفرادة التي أحيت روح النص.

بانوراما متوهجة

وعلى مستوى التجسيد، عكس المخرج محمد العامري مخزون ثقافته وقدراته الإبداعية في المسرح عبر معالجته للنص بمختلف المستويات من خلال بانوراما وملحمة مسرحية ليكشف لنا عن أدواته الإبداعية برؤى بصرية وفكرية.

وكان حضور العرض يشاهدون العامري فكراً مجسداً، ولعل تلك قيمة إبداعية لا يمتلكها الكثير من المخرجين.

برع العامري وفريق عمله في تصميم مشاهد أثرت على الفكرة العامة بالصوت والصورة والحركة، حيث تضمنت البصريات لمحات تشكيلية وكأنها ترمز إلى وجود «دود» ينخر في أجسادنا وثقافتنا وهي لمحة صنعتها الإضاءة بشكل ذكي، كما أن الاستخدام البانورامي ضاعف من الأثر النفسي للبصريات.

وشكل الأداء الحركي حالة درامية مبهرة مع الموسيقى كانت أقرب في مشهديتها إلى الملاحم الشعرية الكبيرة مضيفة الكثير من الجمال على المظهر العام للصحراء.

خط درامي متكامل

اعتمد البناء الدرامي للعرض على ما كتبه النيادي مسلطاً الضوء على قيم الصحراء في خط درامي متكامل دعمته حركة الإضاءة والموسيقى.

وتعامل المخرج مع النص المكتوب بشكل عميق مما انعكس على البناء البصري معالجاً مفهوم «الفزعة» برؤية تنسجم مع واقع ومعطيات الصحراء.

وتميز الأداء التمثيلي بمستوى عال من الإتقان والقدرة على التحرك برشاقة في فضاء المسرح المفتوح بانسجام مع الموسيقى، النص، والإخراج.

وكانت اللغة بطلة العرض في الحديث من خلال الراوي واتسمت بسلاسة التنقلات ناقلة كل دلالات البيئة على مستوى الخطاب اللغوي الذي أغنى بؤرة الحدث على صعيد البيئة والمكان.

فيما اتسم والديكور بالبساطة المعبرة عن الحياة الصحراوية مما منح إيحاء بملمح واقعي في إشارة إلى عدم التكلف في السياق الدرامي المتصاعد والمعبر.