معد فياض

نادرون هم القادة الذين يكتبون سيرهم الذاتية وقصصهم الحياتية بمنتهى الشفافية والمصداقية ومن دون أي إضافات لحدث أو تلميع للصورة. أما أن يسرد حاكم من طراز متميز في قيادة شعبه نحو المستقبل سيرته الذاتية بهدف أن تكون كل محطة ومرحلة وقصة فيها دروس ثمينة في معنى القيادة والبناء والحياة والتطلع إلى الغد، وبهدف أن تتحول هذه السيرة إلى منار حي يهتدي بضيائه الأجيال، فهذه هي الحكمة في أوضح معانيها، والشجاعة في اوج تعريفها.

بالتأكيد أنا أتحدث هنا عن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله» «قصتي..50 قصة في خمسين عاماً»، والذي صدر قبل أيام وأصبح «مالئ الدنيا وشاغل الناس» بعد ساعات من توزيعه في المكتبات.

سأذهب إلى الفكرة أولاً، إلى قوة الحكمة، أن يكون لفعل القصة تأثير ووقع الدرس الحياتي، بالتأكيد أن سموه، وفي كل قصة سردها بأسلوب حكائي، هدف إلى أن نتعلم، أن يتعلم من يقرأ هذه القصص وليس أن يستمتع بها فحسب، هي دروس في فن القيادة وصناعة الحياة وتحويل الحلم إلى واقع، وصياغة الحاضر ليكون امتداداً للمستقبل منذ جذوره التاريخية، منذ البئر الاولى التي نهل منها المعرفة والحكمة والعلم والقيادة.. دروس قدمها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بشفافية للقارئ وبأدق التفاصيل الصريحة.

شجاعة الفارس هنا تكمن في أن يسرد سموه سيرته والشهود الذين عاصروه أحياء، وشعبه هو الشاهد الأول والأكثر متابعة ومراقبة لكل ما كتب من قصص.. الشهود هنا إنجازات تاريخية، مدن مشيدة، صحراء مؤثثة بالبحر وبحر مؤثث بالصحراء العامرة..الشهود هنا دبي، وهل غيرها، مدينة الدنيا وواحدة من عجائب المستقبل.. دبي بكل ما فيها وحولها..بكل إنجازاتها الحضارية العلمية والثقافية.. دبي المدينة الملونة بالحياة والنابضة بالموسيقى والقصائد. دبي التي تروي فيها قصص ليالي الدنيا ونهاراتها. فهل من شك بهذه الإنجازات التي وصلت حتى مشارف المريخ، كونيا، وغيرت من مفهوم ومعنى الصحراء، برياً، وروضت الخلجان والقنوات وأطلقتها وديعة وزاهية، بحرياً.

في ملحمة «جلجامش»، يعود ملك أوروك(الوركاء) من رحلة البحث عن الخلود ليكشف أن خلوده في بناء أوروك وجدرانها وأعمدتها وقصورها وأنهارها وبساتينها، أوروك الباقية أعمدتها حتى اليوم. هو هذا مفهوم خلود القائد الحكيم وبقائه حيا في قلوب وعقول الناس.. خلوده فيما يؤسسه ويبنيه ليس للحاضر فحسب، بل للمستقبل.

في «قصتي» يعلمنا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، كيف نرى الغد ونعبر إليه من بوابة الحاضر، باعتباره باني المستقبل.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


m.fayad@ alroeya.ae