د. عبدالرحيم الزرعوني

منذ أن بدأت الكتابة الأسبوعية في الصحف؛ وضعت نصب عيني هدفين لا أحيد عنهما؛ إثراء المحتوى العربي في مجال تطوير آليات عمل المؤسسات وتطوير العاملين بها، والتقاط كل بارقة أمل ولمحة إبداع وتسليط الضوء عليها والاحتفاء بها والإشادة بالقائمين عليها. ويبدو أن كوني مواطناً في الإمارات قد سهل مهمتي كثيراً، لأننا هنا ولله الحمد نشهد تطوراً مؤسسياً بارزاً، وتطالعنا كل يوم مبادرات إبداعية تستحق الإشادة وتسليط الضوء عليها.

لعل آخر تلك المبادرات الملهمة هي ما أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، تحت اسم برنامج «خبراء الإمارات» بهدف إعداد قاعدة من الكوادر الوطنية الاستشارية والخبراء في عشرين مجالاً حيوياً، للمساهمة في دفع عجلة التنمية في مختلف القطاعات بالدولة، في سبيل بناء اقتصاد قائم على المعرفة.

كان لاختيار سموه صرح زايد المؤسس للإعلان عن البرنامج، واستلهامه لبعض مواقف الراحل؛ الأثر الملهم والأهمية القصوى للبرنامج في تعزيز المسار الريادي للدولة من خلال الاستثمار في أبنائه. قال سموه «إن التقدم الذي نشهده اليوم هو بتوفيق من الله ثم بهذه الوجوه الطيبة .. وبأهل الدار ضمنا استمرار هذا التقدم .. لأن ابن البلد دائماً هو أعلم بأرضه ففيها ولد وفيها يعيش وفيها تعلم. نفرح إذا وصلنا إلى مرحلة تكون لدينا فيها كوادر تقود وتوجه .. هؤلاء نقدرهم عالياً .. نفخر بكوادرنا من بناتنا وأبنائنا .. نفخر بجيل جديد متخصص ليواصل المسيرة لأنها سنة الحياة».

تضمن البرنامج في دورته الأولى تأهيل 20 إماراتياً في مختلف القطاعات، تم اختيارهم بناء على توصيات كبار المسؤولين الحكوميين وسلسلة من المقابلات وفقاً لمعايير صارمة. ومن اللافت تعيين البرنامج لموجهين لكل القطاعات من ذوي الخبرة والكفاءة المشهودة. ويتطلع موجه البرنامج وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل محمد القرقاوي، إلى تخريج خمس دفعات بحلول 2022 أي مئة خبير يجتمعون مرة واحدة على الأقل سنوياً ليؤلفوا معاً الأساس لبناء شبكة متماسكة من الخبرات الوطنية المتميزة التي ستدفع عجلة التنمية في المستقبل.

إن اهتمام قيادتنا بهذا التوجه الاستراتيجي يبشر بالكثير لمستقبل هذا الوطن. وكما قال سموه «إن بلادكم تعد اليوم نموذجاً في المنطقة وبالتالي أنتم قدوة للقريب والبعيد للأصدقاء والحلفاء». لكن الذي أتمناه ألا تقتصر الرعاية ومسمى خبراء الإمارات على دفعات هذا البرنامج الرائد؛ بل أدعو أن يشمل أيضاً استقطاب كل الكفاءات الوطنية والخبرات المكتنزة من المواطنين الذين تقاعدوا من الوظيفة العامة، لكنهم بالتأكيد لم يتقاعدوا عن واجبهم الديني والوطني لخدمة هذا الوطن وتعزيز تفوقه.

a.alzarooni@alroeya.com

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟