سارة مطر

نحن بحاجة إلى المفاجآت في حياتنا، بل إننا بدأنا في الوقت الآني بالبحث عن أي فكرة مهما كان وقعها، لكي ندخل الحب والبهجة والكثير من السرور نحو قلوب من حولنا، الحياة ليست فقط صعبة لكنها قاسية وتحتاج إلى جهد كبير من قبلنا للتفاوض معها.

المفاجآت تقلل من حجم الألم الذي يباغتنا لأي سبب كان، أتذكر جيداً وأنا أتحدث مع سيدة كبيرة في السن في إحدى المدن البريطانية، كانت تحمل معها دوماً ألبوماً من الصور، وكل صورها من دون استثناء وهي في حالة دهشة، كأن تصرخ بينما شريط من الأوراق الملونة يتناثر حولها، أو كعكة أمام ناظريها وهي تخبئ وجهها بكفيها من فرط الدهشة، وصورة أخرى وهي تفاجأ حفيديها بلعبة قديمة جداً، وقد صورت ملامح الطفلين وهما غير مصدقين ما يحدث لهما من فرط السعادة، السيدة آن تركت في قلبي محبة عظيمة لها ولألبوم صورها، الذي لم يغادر ذاكرتي حتى هذه اللحظة، كنت أتساءل لماذا لم نكن نوثق لحظات اندهاشنا كما فعلت السيدة البريطانية، ربما لو فعلنا ذلك لأدركنا أن الأشياء الصغيرة دائماً تصنع الفرق، وإلا لما كانت آن تتحين أي ضيف جديد لكي تنقل له خبرتها في التقاط الفرح والبهجة.

وقبل قليل ابتسمت من قلبي، وأنا أشاهد فيديو تم تصويره حينما قام كابتن «الخطوط السعودية»، في الرحلة المتجهة من الرياض إلى الطائف، وقدم تهنئة خاصة لمدير تعليم محافظة الطائف، والوفد التعليمي المشارك معه، وذلك لفوز إدارة تعليم الطائف بجائزة التميز الإداري في دورتها الثامنة، وفي الفيديو المصور الذي انتشر عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، ظهر فيه مدير تعليم الطائف مذهولاً وسعيداً، ولو أنه حاول أن يستوعب المفاجأة لعدد من الثواني، وهو يتلقى التهاني من كابتن الطائرة والوفد المشارك به.

لم يفرح مدير التعليم وحده بهذه المفاجأة، ولكني متأكدة أن كل من كان على متن الطائرة سيتمنى أن تكون هناك قصص جميلة أخرى، لكي يكون مشاركاً في رحلة السعادة تلك.

أنني أتخيل ماذا لو كانت السيدة آن موجودة على الطائرة، كان لا بد من أنها ستحمل معها كاميرتها الخاصة، وتلتقط الصور مع صاحب المفاجأة، وبعدها ستحكي لكل من يزورها عما دار بينها وبين صاحب التهنئة، إن سعادة آن على سبيل المثال ليست فقط في المفاجأة، ولكن في وجود الحب أكثر، والاحترام والتقدير لصاحب المفاجأة.

s.matar@alroeya.com

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟