مروة السنهوري

كشفت عروض الدورة الثالثة لمهرجان المسرح الخليجي التي استضافتها الشارقة على مدى ست ليال متتالية، ثلاثة ملامح رئيسة، لواقع أبوالفنون، تنسحب، حسب آراء نقدية، على مختلف خشبات المسارح الخليجية، دون أن تقتصر، على العروض المشاركة.

وأجمع نقاد، وعدد من أعضاء لجنة تحكيم المهرجان، الذي اختتم، أمس الأول، على أن الاحتفاء الشديد بالمفردات التراثية، وضعف النصوص، مقابل الحضور الطاغي لعناصر السينوغرافيا، هي أهم سمات المسرح الخليجي، في الوقت الراهن.

ودعوا إلى بذل مزيد من الجهود، باتجاه تنويع الطرح، والانفتاح على القضايا المعاصرة، والاهتمام بكل عناصر العمل المسرحي، وتحفيز طلاب الجامعات والمدارس على ارتياد قاعات عروض المهرجات لتأسيس ثقافة مسرحية واعية.

ورفض المخرج الإماراتي محمد العامري، الوقوف أمام فكرة غياب جائزة المهرجان، للدورة الثالثة على التوالي منذ تأسيسه، عن المسرح المحلي، مضيفاً «إن الإمارات حصدت أربع جوائز مختلفة، ووصل العرض الإماراتي (مجاريح) إلى الترشح للمرحلة النهائية لأفضل عرض متكامل، التي ذهبت عن استحقاق للعرض العماني (مدق الحناء)، لذلك أعتقد أن المهرجان شهد تمثيلاً مشرفاً ومتميزاً للمسرح الإماراتي».

ضعف النص

قال رئيس لجنة التحكيم عصام السيد، في تصريحات لـ«الرؤية» إن المهرجان شهد ثلاثة عروض مميزة هي «الصبخة»، «مدق الحناء» التي فازت بالفعل بجائزة العرض المتكامل، إضافة إلى «مجاريح» الإماراتية.

أخبار ذات صلة

«إصدارات أدبية تسجل تاريخ الوطن» ندوة بالأرشيف والمكتبة الوطنية
«دبي للثقافة» تدشن «التبدّل والتحوّل» في مكتبة الصفا


وتابع: المسرح الخليجي يشهد تطوراً لافتاً على مستوى تطوير التقنيات السينوغرافية على حساب النصوص، مشيراً إلى أن أزمة النص لا تتعلق بندرته وقلة الكتاب المتخصصين بل ترتبط بمدى اتصال النصوص بواقع الحياة وملامستها لهموم الناس، عوضاً عن التحليق بالكتابة في جوانب لا تتصل بأولويات وقضايا المجتمع.

وحذر السيد، من تفاقم إشكالية ضعف تفاعل الجمهور مع العروض المسرحية، مؤكداً أن «عنصر الفرجة يجب أن ينظر إليه بوصفه مفصلياً من أجل الوصول إلى عمل جيد ومؤثر من خلال التشويق والإمتاع البصري».

مفردات تراثية

من جهته أوضح مقرر اللجنة التحكيمية في مهرجان المسرح الخليجي رياض السكران أن العروض جسدت القيم التربوية والتراثية التي يتبناها المجتمع، والتي شكلت هاجساً ملحاً لدى المخرجين الخليجيين المشاركين في المهرجان، فأعادوا صياغتها بطريقة ذكية على الخشبة.

وتابع: «المسرح الخليجي له هوية واضحة تظهر من خلال تعلقه بالتراث، فهو على الرغم من كل التغييرات الحاصلة في العالم إلا أنه لم يقفز من سور الماضي بل يثق بحضور التراث ويعتمد عليه لإبراز قصصه المتنوعة».

ورداً على ما أكده البعض من أن النصوص لا ترتبط بالواقع، أوضح أنه على الرغم من تحليق النصوص المقدمة في الخيال إلا أنها انطلقت من واقع حياة الناس وأعادت قراءة هذا الواقع وإنتاجه من جديد.حضور السينوغرافيا

أوضح الناقد السوداني محمد سيد أحمد مصطفى أن عروض المهرجان في دورته الثالثة تطورت مقارنة بالدورات المنصرمة، ولا سيما العرض الكويتي الذي انتصر للمسرح الأكاديمي والموهبة الإبداعية في ذات الوقت على الخشبة.

وأكد أحمد أن الملمح الرئيس للعروض هو تفوقها من حيث التقنيات السينوغرافية بعناصرها المختلفة: الموسيقى ، الإضاءة، الأزياء، الإكسسوارات، والتي تطورت بفضل توفر الإمكانيات الفنية، فضلاً عن استمرارية الفرق في تقديم العروض مما حقق لها «الاستدامة».

وأضاف «سيطرة الطقس التراثي الفانتازي الذي عبر من خلاله المخرجون عن المخزون الثقافي لكل دولة، أيضاً أحد الملامح البارزة، في المسرح الخليجي، حسب واقع مشاهدات مجمل الأعمال، التي تعكس بالفعل واقع المسرح الخليجي عموماً».

ورأى الناقد السوداني أيضاً ضعفاً في النصوص المسرحية، مرجعاًَ ذلك إلى صعوبة الكتابة للمسرح بالأساس، وأوضح أن النصوص المسرحية تعد من أصعب أنواع الكتابة في الفنون الإبداعية، وهو ما دفع بالكثير من الفرق المسرحية للاستعانة بالنصوص الإغريقية وغيرها.

الفنان العراقي عزيز خيون جزم بوجود تطور لافت على مستوى العروض هذا العام مقارنة بالدورات المنصرمة من حيث التنظيم ومضامين النصوص وأسلوب الطرح والمعالجة.

ودعا خيون الفرق المسرحية إلى تبني «الاستدامة» والاستمرارية في عروضها، كي لا يقف إنتاجها عند حدود المهرجانات ومواسم الفعاليات الفنية فقط.

واعتبر الناقد المغربي حسن المختار اعتبر العروض التي قدمت في مهرجان المسرح الخليجي قفزة نوعية في مسيرة المسرح الخليجي، وطالب بدعوة طلاب المدارس والطالبات لمتابعة العروض المسرحية والخروج بفعاليات المهرجان إلى المجتمع لتحقيق الاستفادة القصوى.