عمر سيف غباش

حُظيت الأسبوع الماضي بفرصة رائعة للتحدث في«مؤتمر طلاب الإمارات» المنعقد في باترسي بارك، لندن.. حيث انتشر الجميع عبر قاعة المؤتمرات يرفلون بأكثر الملابس أناقةً، والتفت جماعات صغيرة تتجاذب أطراف الحديث فوق منصة جانبية تقدّم القهوة والطعام، وحين خفتت أنوار القاعة اتجهت الأنظار كلها صوب منصة مضاءة بشدة خصصت لوقوف المتحدثين ممن سيلقون محاضرات، تخص مسائل محددة من قبيل: الهوية الوطنية، والدبلوماسية، وكيفية اختيار الجامعة.

أما أنا، فقد كنت أجهل ما المطلوب مني؟، وماذا عساي أن أقول؟، وكيف سأختار كلماتي؟ وما مقدار الرسمية التي عليَّ الالتزام بها أثناء تقديم عرضي للطلاب؟، ومن يحددها في مثل هذه المناسبات؟، ولماذا؟.

كانت تلك بعضاً من أسئلة كثيرة سيطرت على ذهني أثناء سيري نحو مقعدي، واحترتُ، هل كان عليّ حتى أن أتقيّد بالرسمية أو الشكليات نظراً لانقطاعي عن العمل في إجازة مطولة، فأنا الآن مجرد طالب يدرس في الصين؟!

قررت أن أفضل ما يمكنني فعله هو التحدث بصدق عما يجب أن يعرفه هؤلاء الشباب المحترمون والمندفعون والمثاليون عن الحياة بعد الدراسة.

كان مدير الجلسة شابًا رائعًا يدعى (بطي بن حارب)، وقد تحدثنا سوياً لمدة ساعة قبل بدء جلستنا، مشينا حول أطراف القاعة واحتسينا القهوة، ولكن سرعان ما اضطلع بطي بدوره كمدير للجلسة بمجرد صعودنا إلى خشبة المنصة، وتولى زمام الأمور، فاستعرض مقدمة موجزة ثم التفت نحوي بكل مهنية وراح يطرح عليّ الأسئلة.

أجبته بأفضل ما أمكنني، ومن ثمّ، ووفقاً لما هو متفق عليه، سألني عما إذا كان لدي نصيحة محددة أتوجه بها للطلاب؟.. شعرت حينها بتلاشي أي دواعٍ للاستمرار بالسلوك الرسمي والشكليات، وشعرت أيضاً بكبر سني مقارنة مع الطلاب، ووجدت نفسي مضطراً، كأبٍ مع أولاده، إلى تحذيرهم من الاقتراب من الآخرين بحسن نية ودون احتراس، وأهمية استخدام العقل عند اتخاذ قرارات حاسمة تخصّ حياتهم، والمضي قدماً بكل جرأة.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


وفيما بعد وبمجرد أن حصل تفاعل بيني وبين الطلاب، انتابني شعور بقدر كبير من العاطفة والكثير من الفخر بمقدار الأخلاق والاحترام والجدية التي تميز طبيعة هؤلاء الشباب، وبمرور الوقت، رغبتُ في استكشاف المزيد عن الشباب الإماراتي وعن آمالهم ومخاوفهم، وما محور أحلامهم وطموحاتهم، وما التحديات التي يواجهونها، وأين ستأخذنا أفكارهم؟.. إنّ شباب الإمارات يتمتعون بكل العناصر اللازمة لتحقيق النجاح والإنجاز، وإنه لشرف لي أنني حظيت بفرصة لقائهم.