صالحة عبيد

فضاء حيوي

يكون من المربك البدء بالحديث عن نتاج المرأة المبدعة أياً كان ما تنتهجه إبداعياً بين الآداب والفنون وغيرها. ففي البداية قد تواجهك ربكة الفكرة الإنسانية للإبداع التي لا يجب أن تخصص وتفرض الحواجز بين أشكال النتاج الإبداعي بناء على الجنس «ذكر أم أنثى».

ثم تأتيك الربكة التالية التي ستحيلك إلى ما عانته جميع المبدعات في العالم للوصول إلى حقهن الإنساني الطبيعي الذي تقره شمولية الإبداع المفترضة تلك، لنجدها تبهت شيئاً فشيئاً أمام المكابدات التي بذلتها نماذج رائدة لتشق طريقها إبداعياً بدءاً من التنكر بأسماء ذكورية مروراً إلى الصراعات التي كلفت عدداً منهن حيواتهن أو ساقتهن إلى الانتحار.

كتبت فيرجينا وولف في العام 1929 كتابها الشهير «غرفة تخص المرء الوحدة» وهي تضع اللبنة الأولى للنساء المبدعات .. الغرفة التي تقود إلى عنصر الاستقلالية .. الاستقلالية الفعلية والمعنوية التي ستمكنها من تحديد ما تريده من الحياة إبداعياً.

الفكرة على بساطتها الظاهرية خاضعة للكثير من التعقيدات منذ أن بدأت كثير من الناشطات العاملات في المجال الحقوقي والإبداعي المطالبة بها علانية. ويطال الضرر المعنوي والجسدي أحياناً ليس المرأة المبدعة فقط بس كل من يتفاعل معها في محيطها.

لم تنفصل المرأة في المنطقة العربية والخليج عن تلك الصراعات مع تفاوت المراحل الزمنية، لكن مع الأخذ بالاعتبار تغير الفكر لدى الجهات المختصة باتخاذ القرارالتي منهجت شكلاً أولياً لاستقلالية المرأة عموماً.

لكن طبيعة الصراعات المجتمعية بقيت قائمة بين رفض حاسم أو تقبل على مضض دون وجود وعي حقيقي بضرورة وجود المرأة المبدعة كالرجل المبدع لحفظ عملية الاستمرارية الحضارية للمنتج الإبداعي الشمولي، ما يبقي السؤال قائماً حول إبداع المرأة، ولماذا يتم النظر إليها باعتبارها مادة خطرة، حساسة، مهددة .. فمن أين يبدأ الوعي فعلياً، ولماذا يبدو أن المرأة المبدعة تختزل أشواطاً ضوئية في اكتساب ذلك الوعي مقارنة بغيرها؟. وما هو الأمر الجوهري الذي سيجعل الآخر المختزل في المجتمع يراها شريكاً فعلياً في كل تفاصيل المجتمع من لحظة البناء الأولى وحتى الاكتمال.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟