خليفة جمعة الرميثي

باحث في القيادة والتطوير ـ الإمارات

إستونيا دولة صغيرة حصلت على استقلالها من الاتحاد السوفييتي عام 1991، ويبلغ عدد سكانها 1.3 مليون نسمة، وتقع بين فنلندا وروسيا في الشمال الغربي من أوروبا. وبعد تخبط (بسيط) بعد الاستقلال قررت حكومتها في العام ألفين، إدخال مادة الحاسب الآلي في المناهج الدراسية من المرحلة الابتدائية كمشروع قومي، وكانت رسالة الحكومة لقطاع التعليم هي: أنه يجب تعليم التلاميذ البرمجيات وقواعدها في مراحل مبكرة، حتى إذا وصل الطالب إلى الجامعة يكون ملماً تماماً بالخوارزميات واستخدامها في كل القطاعات.

لقد عملت على تطوير قطاع البرمجيات بسرعة وفق برامج أبرزها: التدريب المجاني وتجهيز المدارس بالأجهزة اللازمة على الرغم من قلة الموارد، ولكنها كانت أولوية لمستقبل البلاد، إذ لم يفكر قادتها في بناء مصانع أو مشاريع عملاقة أو غيرها من الأمور، ولكن ركزوا على المستقبل في مجال واحد وهو البرمجيات، وفي 2016 تمكن اقتصاد هذا البلد من احتلال المرتبة الأولى عالمياً في قطاع الأنظمة الإلكترونية من حيث عدد التطبيقات والمبادرات الرقمية والإلكترونية قياساً بعدد السكان.

وتقول المصادر الحكومية المعنية إن «جميع الخدمات والطلبات تمر عبر بوابة عامة واحدة، لكل الدوائر الحكومية المختلفة التي تتواصل إلكترونياً في ما بينها، وتتقاطع بياناتها ومعلوماتها لحظياً» دون الحاجة إلى اجتماعات (توضيحية أو تنسيقية)، فمثلاً باستطاعة بطاقة الهُوية لكل إستوني أن تكون إجازة قيادة سيارة وتذكرة باص أو قطار وملف يحتوي على كافة المعلومات الشخصية والمهنية، إضافة إلى بيانات عن الملكية والراتب والحالة الصحية، وبواسطتها يمكن الانتخاب والإفصاح عن الضرائب، وتوقيع عقد عمل عن بُعد بتوقيع إلكتروني.

وأطلقت إستونيا مفهوماً جديداً في العالم، وهو «المواطن الإلكتروني»، يقوم على منح أي شخص حول العالم بطاقة إلكترونية تسمح بفتح شركة إلكترونياً في البلاد، ولهذه المواطنة مميزات كثيرة مثل: الإعفاءات الضريبية، والسماح بالدخول والاستفادة من السوق الأوروبي المشترك، ويستطيع الحاصل على هذه (المواطنة الإلكترونية) أن يدير أعماله عبر الإنترنت من أي مكان في العالم ويستطيع طلب أي مساندة يرغب فيها من الحكومة.

وللترويج لهذا البرنامج منحت إستونيا هذه المواطنة إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس وزراء اليابان شينزو آبي، والأمير أندرو دوق يورك .. وفهمكم كفاية.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟