عمر عليمات

كاتب ومستشار إعلامي ـــ الأردن

التساؤل مفتاح الفهم، ومن دون تساؤلات لا يمكن لأي بحث أن يصل إلى نتيجة، ومن هذا المنطلق يتبادر إلى ذهني في كل جولة من جولات المفاوضات اليمنية تساؤل حول إمكانية توصل الفرقاء إلى حل قابل للتنفيذ، والمضي بعملية سياسية نحو تسوية تخرج اليمنيين من أتون أزمة أكلت الأخضر واليابس، وفاقمت المعاناة الإنسانية، نتيجة انقلاب على الدولة ومؤسساتها بقوة السلاح، والاستقواء بالخارج.

التفاوض لا يمكن أن يكون مجدياً بلا إيمان بالآليات السياسية، واعتراف بالآخر وعدم إلغائه، وتغليب المصلحة العامة التي تجمع ولا تفرق، والتفاوض لا يعني أبداً استراحة محارب، وإعادة تموضع، بل وسيلة للوصول إلى غاية أسمى، وهي تجنيب البشر ويلات الحروب والنزاعات. خمس جولات من المفاوضات منذ اندلاع الأزمة اليمنية، ينطبق عليها المثل القائل «وكأنك يا أبوزيد ما غزيت»، فلا اتفاقات نُفّذت ولا مخرجات رأت النور، الأمر الذي يجعلنا نتساءل: هل الحوثيون مؤمنون أصلاً بالحوار؟، وهل هم أصحاب القرار لتنفيذ ما يوقّعون عليه؟، ولعل التساؤل الأكثر إلحاحاً هو: هل الحوثيون جماعة سياسية، أم فصيل له رؤية في إدارة الدولة، أم هم عبارة عن جماعة مسلحة تعتنق إيديولوجيا إلغائية، وترتبط بأجندات إقليمية تخدم مصالح إيران في المنطقة؟.

إن الإجابة على التساؤلات السابقة توصلنا إلى نتيجة مفادها أن الحوثيين ليسوا في وارد الوصول إلى تسوية سياسية، وهم أول الكافرين بها، فكيف لمَن انقلب على الدولة بقوة السلاح، وكفر بمخرجات حوار وطني كان جزءاً منه، أن يؤمن بالمفاوضات السياسية سبيلاً للحل؟، وهذا ما يرتّب على المجتمع الدولي التزاماً يضمن ضغطاً حقيقياً على الحوثيين لتنفيذ الاتفاقات التي يتم التوصل إليها.

الأمم المتحدة أمام اختبار أخلاقي، فالمعاناة الإنسانية التي يعيشها اليمنيون أمر غير مقبول، ولا يمكن مواصلة السكوت عليها وعدم تحميل الحوثيين المسؤولية المباشرة عن هذه المأساة، فَمن لا يؤمن أصلاً بالعمل السياسي لا يفهم غير لغة القوة وعليه أن يواجه الضغوط لينفذ التزاماته واتفاقاته.

المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، أشار في آخر جلسة مشاورات بمجلس الأمن إلى أن الجولة المقبلة من المفاوضات ستتطرق إلى طرح إطار سياسي عام، الأمر الذي يعيدنا إلى السؤال مرة أخرى، فهل الحوثي الذي يرفض اليوم الانسحاب من ميناء الحديدة، سيقبل بعملية سياسية تعيده إلى حجمه الطبيعي في اليمن؟؟؟

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟