خليفة جمعة الرميثي

باحث في القيادة والتطوير - الإمارات

بعد مذبحة نيوزيلندا خرج من ظهرانينا من يلومنا بأننا نحن من انفتحنا على الغرب، ونحن من بنينا كنائس في بلادنا، ونحن من استقبلنا رجال دينهم ونحن من أطلقتا عام التسامح، وفي النهاية ماذا حصدنا؟.. (قُتلنا في مساجدنا).
للأسف، أمثال هؤلاء يستغلون أحزاننا للتأثير في العامة ليفتحوا باباً للشر من أجل إثارة الفتنة واستجماع مشاعر العامة وتوجيهها حسب أهوائهم وتوجهاتهم، وتناسوا أن الحادثة حصلت في دولة غربية مسيحية سمح فيها للمسلمين بممارسة عقيدتهم بحرية وبناء مساجدهم، وإقامة شعائرهم، والعيش بينهم والحصول على جنسيتهم كرسالة عظيمة للتسامح، بل والمشاركة في أحزان المسلمين، كما عبرت رئيسة وزراء نيوزيلندا، وهي ترتدي الحجاب: «أن الحزن واحد لدى جميع الشعب النيوزيلاندي، بمختلف دياناته». بعد المذبحة خرج لنا كالعادة مفاتيح الشر «الأخوانجية» ليصطادوا في الماء العكر، فنشطت أدواتهم وإعلامهم من أجل إثارة المسلمين حول العالم على أحداث نيوزيلندا، وتحريضهم عن طريق جنودهم المتخفين بيننا، وفرقهم الإلكترونية للاستفادة من الحادثة، وركوب الموجة لإظهار أنفسهم أمام (دول ومنظمات عالمية) بأنهم لا يزالون يمتلكون السيطرة وقوة التأثير في الجماهير، من خلال نشر الأكاذيب والشائعات واختلاق قصص إحراق الكنائس رداً على مذبحة نيوزيلاندا وتقديم أفلام مفبركة عن تكسير محلات للمسلمين، والقصد من ذلك كله إظهار (قوة التأثير) ومحاولة هدم مشروع التسامح الذي تقوده الإمارات والسعودية ومصر في العالم العربي والإسلامي.
يجب أن نستوعب أن من قتلوا مسلمون ولكنهم أيضاً نيوزيلانديون، والحادثة لم تؤلم المسلمين وحدهم فقط، وإنما آلمت النيوزيلنديين حكومة وشعباً.. فماذا فعلنا نحن غير نشر الصور والأفلام للحادثة كنوع من الترويج للسفاح دون قصد منا؟ سألني أبنائي: ماذا نفعل لنعبر عن حزننا ودعمنا لإخواننا في نيوزيلندا؟، فأجبتهم عملياً بتواصلي أنا وأفراد عائلتي مع السفارة النيوزيلاندية وأن نقدم لهم تعازينا الحارة على مصابهم ومصابنا كبادرة لن تعيد المتوفين، ولكنها تسهم في المشاركة الوجدانية معهم.. تماماً مثلما رفض بعضنا المذابح التي حدثت في أوروبا وأمريكا باسم الإسلام، وكم أتمنى أن يكون بيننا رجل رشيد يفهم أن هناك عقولاً خفية تلعب بمصير الشعوب المسلمة، ويعي الحديث النبوي، الذي رواه الإمام ابن ماجة، وابن أبي عاصم وغيرهما من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ».

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟