سحر الزارعي

الاعتراف بوجود مشكلة هو أول الطريق باتجاه التفكير في اتجاهات الحلول وملامحها، ومن ثمّ العمل على صناعتها. من الأمور التي يجب أن نعترف بوجودها، وأنها تقع ضمن تصنيف الأمور «السلبية والضارة والمرفوضة» فكرة «الانتقاد الاوتوماتيكي» أي الانتقاد الفوريّ المباشر الـمُعدّ مسبقاً والجاهز بشكلٍ سريعٍ جداً للحضور فور وجود الـمُسبّبات.

ماهي تلك الـمُسبّبات إذن ؟ هي أي خطوةٍ في اتجاهٍ إبداعيّ أو ابتكاريّ أو حتى في اتجاهٍ مطروقٍ مُسبقاً بغية إضافة لمسةٍ إبداعية أو تطويرية ! هناك شرائح في المجتمع لديها ذخيرةٌ كبيرةٌ من «الانتقاد الاوتوماتيكي» الجاهز للتلقيم والذي تجده ينهال عليك بغزارة فور إعلانك عن مجرّد النيّة في العمل على فكرةٍ مضيئةٍ قد تقدّم الكثير من الفوائد للمجتمع، محتوى رصاصات «الانتقاد الاوتوماتيكي» مواد مثبّطة للتفكير لديها القدرة على شلّ حركة الإبداع وتوهّج الحماسة الابتكارية، تحمل لك رسالةً شديدة اللهجة تؤكّد لك أن ماتفعله حماقة ستودي بك للهاوية !

هل تذكّرتم أحداً؟ أجزم بأنك ـ عزيزي القارئ ـ رأيتَ مجموعة من الصور تبادرت لذهنك لبعضٍ من الموهوبين في «الانتقاد الاوتوماتيكي» وبعض الصور أيضاً لزملائك من ضحايا تلك الرصاصات السامة، تُرى كم منهم منح لتلك الرصاصات صدره وبالتالي توقفت حياته بسببها ! وكم منهم هرب منها وتابع العمل على أفكاره حتى وصل لأماكن جديدة، البعض أصبح عبقرياً بسبب هروبه من هذه الرصاصات وأصحابها.

في دولة الإمارات العربية المتحدة لدينا سياسة عامة تحضّ على الابتكار وتخلق الأسباب المحفّزة على الإبداع واستثمار العقول البشرية في صناعة المستقبل، وقد أثمرت هذه السياسة عشرات الاختراعات والإنجازات التي نفخر جميعاً بها وبأصحابها ونتائجها الإيجابية على الفرد والمجتمع، لكن مجتمعنا ما زال يحوي العديد من مُصدّري «الانتقاد الاوتوماتيكي» للأسف الشديد !

إن أفضل المواقف التي يجب أن يتخذها المثقفون لصدّ هؤلاء .. هي ذخيرة «التحفيز الأوتوماتيكي» التي يجب أن تُمنح مجاناً للعقول النيّرة والشابة وتُعمّم بشكلٍ منهجيّ على الأجيال الصاعدة كطريقة تفكيرٍ مضادة، هل لديكم حلولٌ أخرى؟

s.alzarei@alroeya.com

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟