د. محمد المعزوز

باحث في الأنثربولوجيا السياسيّة ـ المغرب

هل سيكون حدث انعقاد القمة العربية بتونس في 31 مارس مناسبة لطرح الأسئلة الحقيقية بخصوص الوحدة والتكامل العربيين، والبحث عن إجابات لانتظارات الشعوب العربية الغارقة في مآسي الانقسام والاحتراب الدخليين؟.. بالتأكيد أن شرط توفر الإرادة السياسية للقادة العرب كفيل بربح رهان الإجابة الموضوعية عن الاستحقاقات الكبرى، كلما تقاطعت مع المطلب الاقتصادي ومطلب التنمية والأمن والثقافة.

إن وعي القمة بضرورة ارتباط هذا التقاطع مع هدف تجديد «الفكرة العربية» سيفضي إلى خطاب سياسي عربي موضوعي يكون قريباً من المجتمعات التي تشهد احتقانات وانسدادات غير مسبوقة، إذ لم تعد هذه المجتمعات تقبل أن ترى الجامعة العربية شكلاً للاستهلاك السياسي والإعلامي يفتقد لشرط امتلاك الفكرة والهدف.

لا بد من أن نذكر أن بروتوكول الإسكندرية الذي تأسست من خلاله جامعة الدول العربية في أكتوبر ١٩٤٤، بعد تجاوب أنتونين إيدن ١٩٤١ مع المثقفين والسياسيين العرب، وقد لعب فيها رئيس الوزراء المصري نحاس باشا آنذاك دوراً مركزياً، كان يقوم على فكرة جديدة مرتبطة بهدف واحد هو «الوحدة العربية»، وهذا ما يفسر تملكها من طرف العرب لسنين طويلة.

لكن، لم يعد هذا الشعار اليوم يطرب المجتمعات العربية، لأن الجامعة لم تجدد نفسها، ولم تلب أحلام الشعوب العربية في الكرامة والاستقرار والتكامل، وإقناع هذه المجتمعات يمر عبر إيجاد فكرة مغايرة ومتجددة مرتبطة بتوصيات عملانية وخطط واتفاقات واضحة تهم الملفات الحارقة المتمثلة فيما يلي: - اعتبار القضية الفلسطينية أولوية أولى، وإعادتها إلى الواجهة السياسية ضرورة، نظراً لقرار أمريكا المستفز بإقامة سفارتها بالقدس.

- التعاطي الإيجابي مع مسألة إعادة سوريا إلى الجامعة، بالرغم من أنها مسألة شائكة ومعقدة وغير منعزلة عن أجندة الولايات المتحدة في المنطقة، وذلك باعتماد الوضوح في معالجتها.

- اعتبار المسألة الليبية والساحل من الأخطار التي تحدق بشمال أفريقيا، نظراً لانتعاش الإرهاب والاتجار بالأسلحة وتهريب البشر.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


وإذا كانت هذه القمة تجري في تونس، باعتبارها إحدى دول الجوار في المنطقة، فإن اجتهادها في الخروج بقرارات سياسية معلنة وقابلة للتنفيذ ستحد من هذه المخاطر، وتضع خريطة طريق للتوازنات السياسية في المنطقة، وذلك، مطلب مجتمعي مغاربي ملح، أمام أوضاع التوتر المستمرة.

إن تجديد «الفكرة العربية» خلال هذه القمة، والبحث عن تسويات سياسية لتجاوز الخلافات بين الدول العربية وبلورة مشروعات للتنمية قابلة للتنفيذ، في إطار التعاون والتكامل العربيين، هو المدخل الأساس لإعادة ثقة المجتمعات العربية في الجامعة العربية، وفي الأدوار التي يمكن أن تلعبها أمام التحديات المتجددة التي يشهدها العالم، وأمام التكتلات الدولية المبنية على القوة واقتصاد المعرفة، فهل ستنجح هذه القمة في بناء فكرة عربية جديدة، ووضع المداخل الكبرى لاستتباب الأمن والاستقرار؟.