خليفة جمعة الرميثي

باحث في التطوير والقيادة ـ الإمارات

من خلال السرد الذي قدمه الأمير بندر بن سلطان ال سعود للصحيفة البريطانية الاندبندنت في النسخة العربية عن الخدمات التي قدمتها السعودية لمناصرة القضية الفلسطينية طوال تاريخها، وردود فعل بعض التنظيمات الفلسطينية التي كانت لديها الفرصة لتحقيق انتصارات للقضية ولكنها رفضت أو لم تتعامل بالجدية الكافية مع العروض التي وصلت إليها من الدول الكبرى بناء على الضغوط السعودية، تفتح لنا الباب للتساؤل والتعجب عن أسباب ردود الفعل الفلسطينية السلبية وتضييع الفرص، واحدة تلو الأخرى.

وحينما تقرأ مذكرات الرئيس أنور السادات أو رجال دولته قبل وأثناء وبعد انتصار حرب أكتوبر، ومعاهدة السلام التي أعادت لمصر كل شبر أخذ منها، وكيف رفضت المنظمات الفلسطينية الانضمام لفريق السادات التفاوضي من أجل استرداد ولو نصف الأرض مع استمرارية المطالبة بالباقي، يجعلك تستمر في الإعجاب، كما يؤكد في الوقت نفسه صحة التوجهات التي كانت تقوم بها السعودية لمساعدة القضية الفلسطينية، ولكن من الواضح أن مسؤولين في هذه المنظمات كانت لديهم طموحات أو عناد أو أمور أخرى.

علمونا في المدارس أنه ما ضاع حق وراءه مطالب، ولكن أين (المُطالب) وهو مشغول بتصفية حسابات داخليه بين أبناء شعبه أو إنشاء شراكات يهودية وفارسية بعد أن استنفدوا (حلب) الشركاء العرب.

ما ذنب الفلسطينيين الذين آمنوا بالمقاومة، وضحى كثيرون منهم بأرواحهم من أجل القضية، وأفنى آخرون منهم أعمارهم في سجون الاحتلال، ولا يزال آخرون كثر مشردين ومهاجرين، ومن انتقلوا إلى ما بقي من فلسطين يقاتلون بعضهم بعضاً، ومن كان لديه بعد نظر وحصل على جنسية أخرى وبنى له هو ولعائلته مستقبلاً جديداً يعير بأنه باع القضية، والمفروض أن يعيش على بقايا ذكريات (ألبوم صور) ومفتاح منزل قديم بني عليه اليوم مبنى تجاري.

إلى متى سنظل نتاجر بالقدس وفلسطين؟ فمن صدام الذي غزا الكويت في طريقة إلى القدس، إلى إيران وفيلقها العسكري «القدس» الذي احتل أربع عواصم عربية.. إلى حزب الله والحوثيين، خناجر الفرس في الخاصرة العربية، إلى القاعدة وداعش الذين ذبحوا الجسد العربي، إلى قيادات ودول باعت معلومات عن المقاومة للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.

أولئك جميعهم أوهمونا بأنهم الفرسان والمحررون والمخلصون، وهم في الأصل تجار سلعتهم (القدس)، و(يشحتون) أحياناً باسمها.. فإلى متى هذه المتاجرة بالضمير العربي؟ ومن ساند القضية كالإمارات والسعودية ومصر يتهمونهم بالتطبيع، لأن التجار يخشون من الحيلولة دون استفادتهم من المتاجرة باسم (القدس).. وفهمكم كفاية.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟