عبدالجليل معالي

كاتب صحافي ـ تونس

تنظم تونس القمة العربية في دورتها «العادية» الـ 30، محملة بهواجس سياسية كثيرة.. هواجس داخلية، يتداخل فيها الاقتصادي مع السياسي والأمني، وهموم عربية وإقليمية ودولية مشتقة مما تعرفه المنطقة العربية من تحديات.

يبتغي الفاعل الرسمي التونسي من القمة أن تعيد للنظام العربي الرسمي استقراره ولو في الحد الأدنى، وفي أقصاه يأمل استرجاع القرار العربي إلى الرحاب العربي، ولو أن ذلك ليس متعلقاً بتونس لوحدها.

تنعقد القمة العربية في ظرف سياسي عربي مأزوم، مظاهر أزماته كامنة في المحاور التي طرحتها القمة على جدول أعمالها: القضية الفلسطينية وأزمتها المالية، وأزمة سوريا، والوضع في ليبيا، والانسداد اليمني، والتدخلات الإيرانية في شؤون الدول العربية.

وصول الوفود العربية إلى تونس كان مسبوقاً بأحداث كثيرة جعلت جدول الأعمال مزدحماً بالانشغالات، وفي استقبال الوفود العربية عقل سياسي تونسي يرى القمة برؤى متشابكة، يتقاطع فيها السياسي مع الاقتصادي، في رؤية مفادها استرجاع الدبلوماسية لحيويتها بعد أن أُفسدتْ طوال السنوات الماضية، أثناء حكم الترويكا بالانتصار لمحاور عُرفت بتغريدها خارج سرب الاعتدال العربي.

تدخل تونس قاعة الاجتماعات العربية مثقلة بهواجس ثلاثة، أولها: محاولة استرجاع صورة الدبلوماسية التونسية التي اهتزت خاصة أثناء رئاسة المنصف المرزوقي، وثانيها: التفات للهموم السياسية الداخلية أشهراً قليلة قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وثالثها: أمل بأن تحقق لها القمة نتائج سياسية ذات وقع اقتصادي إيجابي من ناحية الاستثمارات والاتفاقيات وغيرها.

هنا يفهمُ الحرص التونسي على إيلاء القمة ما تستحقّه من عناية لوجستية وأمنية ودبلوماسية، على الرغم من الوعي الرسمي بأن الانتظارات الشعبية قد لا تحمل الحماس نفسه، والدليل هو أن المواقف الشعبية ومواقف المعارضة لا تذهب المذهب الرسمي نفسه في التفاؤل وفي جدية النظر إلى الحدث.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


الرغبة التونسية في نجاح القمة، تتّخذ وجاهتها من خلال الوعي بأن هذا اللقاء العربي ينعقد في ظروف استثنائية؛ بدءاً من هضبة الجولان إلى الوضع في فلسطين، مروراً باليمن والأصابع الإيرانية الممتدة في أكثر من جغرافيا عربية، وصولاً إلى الأوضاع في ليبيا وفي الجزائر، والعقل التونسي مطالب بأن ينظر إلى كل هذه المشاغل من دون نسيان الهم الداخلي.

تستحيل القمة العربية «العادية» في تونس حدثاً «استثنائياً» انطلاقاً من هذه المعايير، ونجاحها من عدمه لن يقرأ فقط في البيان الختامي، بل أيضاً في ما يمكن تلمّسه من إمكانية لبدء النظام العربي استرجاع عافيته، في المواقف وفي العلاقات وفي الرسائل الصادرة إلى العالم، وفي النتائج المتحققة على الأرض.