د.عبد الله الجسمي

كاتب وأستاذ جامعي ـ الكويت

ظواهر العنف والإرهاب التي نراها تنتشر في أنحاء متفرقة من العالم وكان آخرها الجريمة البشعة التي حدثت بحق المصليين الآمنين في مسجد بنيوزيلندا تمثل، للأسف، إحدى الظواهر الفكرية السلبية التي توسم بها المرحلة التي نعيشها، فعندما يقوم فرد أو مجموعة باستهداف الناس العزّل لإيقاع أكبر قدر ممكن من الضحايا، فإن ذلك يمثل ذروة عملية تبدأ من الكراهية وتنتهي إلى القتل.

فالكراهية بين الأفراد أو المجاميع أو الأمم هي: البذرة الأولى للتفرقة، فهناك كراهية ذات طابع عرقي أو ديني أو مذهبي، وأخرى بين فئات اجتماعية أو بين شرائح اقتصادية أو بين الأفراد.. إلخ.

وتتطور الكراهية في معظم الأحيان إلى التطرف واحتكار الحقيقة ومن ثم إلى الإقصاء، ويؤسس لذلك خطاب لغوي مملوء بالألفاظ الإقصائية ويصل بعضها إلى العنف اللفظي الذي يصبح سداً منيعاً أمام أيه محاولة لرأب الصدع أو الحوار، ويمهد في الوقت نفسه إلى التحول من اللفظ إلى السلوك المدمر، وتكون أقصى نتائجه الممارسات الإرهابية التي يعيشها العالم بين الحين والآخر.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟

وقد ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في تعميق خطاب الكراهية بين مكونات مجتمع ما أو بين الأمم والمؤمنين بالأديان المختلفة عندما تستغلها حفنة تنتمي لدين أو عرق معين ضد غيرها من الأديان والأعراق، وهذه الظاهرة بحاجة إلى وقفة جادة لمقارعتها وتحجيمها عبر نشر قيم التسامح، وتعزيز الحوار بين الفرقاء للوصول إلى حالة من التعايش فيما بينهم، وترسيخ قيم الاختلاف والاعتراف بالآخر، ونبذ الإقصاء والعنف وما ينتج عنهما.