منى الرئيسي

كاتبة وإعلامية ـ الإمارات

على بقعة يرجع تاريخها إلى بدايات القرن السابع عشر الميلادي، وتتوسطها مبانٍ عمرانية قديمة ذات لون أبيض مغبر وتلفها أسوار حجرية مرجانية، كلما دنوت منها ارتفعت أصوات قرع الطبول وتمازجت روائح البخور العطرة بروائح التوابل والأعشاب وكأنها تخبرنا بأنك على وشك الدخول لعالم آخر.. إنها المريجة.

هي المنطقة التاريخية القديمة في الشارقة التي تحتفل هذه الأيام بعرسها التراثي «أيام الشارقة التراثية».. حدث ضخم ليس بمستوى المشاركات المحلية والدولية وحجم الجمهور الغفير الذي يتوافد عليه وجموع المختصين والباحثين في شؤون التراث المادي واللامادي فحسب، بل هو ضخم بضخامة الجهود المبذولة لإنجاحه من أعلى الهرم إلى قاعدته.

أذكر حديثاً جمعني ذات يوم بالدكتور عبدالعزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث، الجهة المنظمة للحدث، حول مكانة الأيام في قلب راعيها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ليخبرني أن سموه يقف على كل صغيرة وكبيرة منذ أول لحظات الافتتاح حتى إسدال الستار، فالضيوف يتجولون مع سموه بين سكك المنطقة ليستمعوا إلى ما سجلته من قصص وأحداث ويمرون على «سوق العرصة» الذي كان قبل أكثر من نصف قرن نقطة التقاء رحلات تجار البدو وجمالهم المحملة بالبضائع.

ومن الطقوس الافتتاحية أيضاً أن يجلس الضيوف على مائدة تراثية ليتذوقوا أصناف الأطعمة التقليدية ويشربون من «النامليت».

عند وقت الأذان يذهب سموه إلى مسجد الجامع التراثي ليؤدي ومرافقوه الصلاة ويشاهد غير المسلمين منهم طريقة أداء الشعيرة، ويستمعون إلى شرح حول التعاليم السمحة في المسجد ذاته، والذي يقع خلفه مسجد فاطمة الزهراء للشيعة.

إذاً هناك تفاصيل خلف التفاصيل.. فكما يعيش أبناء هذا الجيل ماضي أجدادهم ويتعرفون إلى التراث بأشكاله المختلفة المجسدة بدقة، ترسل من هنا رسائل التسامح وتقبل الآخر في عام «التسامح».

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟