خليفة جمعة الرميثي

باحث في القيادة والتطوير ـ الإمارات

في فترة رئاسة إبراهيم الحمْدي للجمهورية اليمنية في سبعينات القرن الماضي ازدهرت الأحوال والاقتصاد، لدرجة أن اليمن أقرض البنك الدولي؟ وكان في ذلك الوقت لديه احتياطي من العملة الصعبة، يقدر بمليارات الدولار، فماذا حدث لليمن السعيد بعد ذلك؟.

وفي بداية القرن العشرين كانت مصر تقدم معونات وقروضاً للدول الأوروبية، لدرجة أن بلجيكا شكرت الحكومة المصرية لإنقاذها الشعب البلجيكي من الجوع والمرض، وأنقذت أيضاً بريطانيا العظمى من الإفلاس بعد الحرب العالمية الأولى، وظلّت مصر أكبر دولة ذات غطاء نقدي من الذهب في العالم حتى أوائل الخمسينات، وصنّفت القاهرة على أنها أجمل مدينة في العالم في العشرينات، وظلت تنافس على هذا المركز حتى منتصف الخمسينات، فماذا حدث لأم الدنيا بعد ذلك؟

هناك العديد من الدول العربية كانت لها مكانة وثروة وضاعت لماذا؟.. لعدم التخطيط السليم للمستقبل لأنها (أوكلت الأمر لغير أهله ).. فماذا عن المستقبل؟.

ذكرت شركة الاستشارات العالمية «ماكينزي» أن الطلب على النفط ابتداءً من العام المقبل حتى عام 2030 لن ينمو بالمعدلات التاريخية السابقة، وأنه بداية من عام 2034 سوف يبدأ التراجع النهائي للطلب على النفط، وهذا ما أكدته أيضاً توقعات شركات أخرى، ويبدو أن الدول المنتجة للنفط لديها 15 عاماً لإيجاد حلول حقيقية لتنويع مصادر دخلها، وتقليل اعتمادها على النفط، والمشكلة ليست في انقضاء 15 عاماً، وإنما أن تمر هذه السنوات والبعض يعتقد أن الحلول التي استخدمناها اليوم ستكون مجدية بعد 15 عاماً.. طيب وماذا سيكون الأمر إذا لم تكن مجدية؟.

المشكلة التي لا يستوعبها بعض القيادات الإدارية هي: أن العالم أصبح متغيراً ومتسارعاً جداً، والتقنية التي نسمع عنها اليوم لن تصمد بعد سبع سنوات من دون منافسة أو تحل بدلاً عنها تقنية أخرى متجددة، فما بالك بـ 15 عاماً؟ لهذا نحن نحتاج إلى (عقول إدارية) لا تجدها في السوبرماركت العام، وإنما في مراكز البحث، وأيضاً التقصي عن قيادات متعلمة وصاحبة خبرة في مشاريع أثبتت نجاحها على أرض الواقع وليست نتاج تلميع إعلامي أو اندماج احترازي، لأن النتائج السابقة التي تمَّ تحقيقها إلى الآن غير كافية خاصة في بعض القطاعات، والكل يعاني من ضعف الاستراتيجيات، أو من مشكلة ضعف التنفيذ، أو من الاثنين معاً.

وفي النهاية نقول: ما يجعلك تشعر بالثقة ليس أن تخطط فقط، ولكن أن تكون الخطط (واقعية)، وأن تعالج صلب المشاكل الاقتصادية، وللأسف الوضع الحالي لا يعطينا هذا الانطباع.. فهل سنتوقف عن المجاملة للصالح العام؟.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟