وفاء صندي

كاتبة سياسية وباحثة ـ المغرب

بعد زيارته التاريخية لدولة الإمارات، حل بابا الفاتيكان فرانسيس الأول، نهاية مارس المنصرم، في العاصمة المغربية الرباط حيث أشاد بالمجهودات التي تقوم بها المملكة في نشر الاعتدال وتشجيع الحوار بين الأديان ورفض أي شكل من أشكال الإرهاب أو العنف باسم الدين.

من جانبه، اعتبر الملك محمد السادس أن التعليم هو السبيل الوحيد لمكافحة التطرف الديني، مشيراً إلى أن «ما يشترك فيه جميع الإرهابيين ليس الدين، بل الجهل بالدين».

وبالفعل فإننا أمام مخاطر تتعلق بالجهل بالدين الإسلامي، تحديداً، بعدما تم تحريفه عن معناه الحقيقي واجتراره عن سياقه التاريخي.

فكم من الجرائم ترتكب باسم هذا الدين، وكم من الأجيال فقدت بوصلتها، واعتنقت الفكر المتطرف، وسلكت طريق العنف بسبب جهلها لصحيحه، كما ينص عليه القرآن الكريم وكما حملته رسالة خاتم المرسلين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وليس كما روجّ له حسن البنا وسيد قطب وكل أدبيات ومرجعيات الإسلام السياسي والجهادي التي أخرجت الإسلام من روحانيته واعتداله وألبسته لباس الغلو والكراهية والتكفير، حتى تحول الإسلام إلى تطرف، والتطرف إلى عنف وإرهاب.

ولأن الفكر لا يواجه إلا بفكر ينقضه، والأيديولوجيات لا تهزم بالمدافع ولكن بالأفكار البناءة، فإن التعليم هو السلاح الحقيقي لمواجهة كل فكر منحرف، وهو خط المواجهة الذي يجب الاستثمار فيه من أجل بناء أجيال واعية ومعتدلة ترفض الكراهية وتؤمن بثقافة السلام وتحتفل بالتنوع والتعايش السلمي بين أتباع مختلف الأديان.

والمؤسف أن تنظيماً إرهابياً مثل «داعش»، قد أدرك أهمية التعليم في تشكيل وعي الأجيال وتشكيل عقولهم، لهذا أولى أهمية كبرى للتعليم داخل دولته المزعومة، بعدما أيقنت قيادته أنه طالما في إمكانهم التأثير على الجيل القادم من خلال التعليم، فستستمر «فكرة» الخلافة حتى لو اختفت «دولة» الخلافة ذاتها.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


ففي آخر ظهور له مع أنصاره عام 2017، كلف «أبو بكر البغدادي» قيادات التنظيم «بضبط المنهج التعليمي المقدم للأطفال معتبراً هذا الأمر الهدف الرئيس في الفترة المقبلة لضمان الاستمرار في المستقبل بعد أن يكبر هؤلاء الأطفال وتكون تربيتهم مبنية على أفكار ومبادئ التنظيم» وإذا كان الفكر الظلامي يبني استراتيجياته على التعليم المنغلق لضمان استمراريته وتأثيره، فواجبنا أن نقطع عليه الطريق من خلال الاستثمار في تعليم جيد ومستنير.