د. عبدالله الكمالي

باحث شرعي ــ الإمارات

يعد الاستثمار في تمنية الوعي عند كافة شرائح المجتمع من أهم أنواع الاستثمار، فوجود مائة موظف مثلاً على درجة عالية من الوعي الوظيفي قد يوازي إنتاج ألف موظف ينقص عندهم حس الإدراك والمسؤولية، وليت الدورات التي تقدم للموظفين تركز على مسائل تحليل الراتب وعدم التلاعب على الأنظمة والقوانين، وأهمية العطاء والبذل والإتقان في الوظيفة، ومحاربة الفساد الإداري المالي، فكلنا يغفل وينسى ويحتاج إلى تذكير.

ومن لطيف ما مر علي أن موظفاً كان يحتال على نظام الحضور والانصراف بطريقة يصعب كشفها، فذكرته بالله وبينت له أن عمله محرم، فصُدم من كلامي وقال لي: أ عملي حرام؟، قلت له: نعم حرام.

رأيته بعدها يحرص على الحضور وعدم التلاعب على أنظمة العمل، وكذلك الموظف يحتاج إلى تذكير من ناحية احترام المسؤول وترك النظرة الشخصية له.. فالمسألة علاقة عمل بين مدير وموظفه، وأما أن يدخل الموظف كند لهذا المدير فيتصرف وكأنه في قتال وشجار معه فهذا سلوك معيب جداً.

وذكر لي أحد الكرام أنه طلب من موظف عنده فعل شيء له صلة وثيقة بعمله، فأجاب الموظف قائلاً: لن أفعل!. وخلفية هذه الإجابة هي: أن الموظف مقتنع أنه أحق بكرسي المدير من مديره، وهذا جانب من سوء أخلاق عند بعض الموظفين للأسف الشديد.

من ناحية أخرى، فإن المدير في العمل سواء كان رئيس قسم أو مديراً إدارة أو في وظيفة أعلى يحتاج إلى تذكير بأن يتقي الله في موظفيه، فهو مسؤول عنهم، وولاة الأمر جعلوه في هذه الوظيفة وطلبوا منه خدمة الناس والتيسير عليهم وأن يسعى في إسعاد موظفيه، والمدير إن انشغل عن عمله بالفعاليات والمناسبات والخصومات وتصفية الحسابات، فينبغي عليه أن يراجع نفسه جيداً، إذْ ما هكذا تكون رعاية الأمانة!

وألحظ أن مثل هذه المواضيع يصعب تقلبها من بعض الموظفين، فما إن يسمع شيئاً من ذلك حتى ينسى نفسه ويبدأ بكيل التهم لفلان وعلان ويطلب منهم سماع التذكير، ونتغافل عن حقيقة مهمة جداً ألا وهي أننا كلنا نحتاج إلى تذكير، وعلينا أن نبدأ بأنفسنا.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟