عبدالله النعيمي

روائي وباحث في قضايا المجتمع ــ الإمارات

الإنسان عبر مراحل حياته المختلفة لا يتسم بالصفات نفسها، ومن الطبيعي أن تتسم مرحلة الطفولة مثلاً بالبراءة، والمراهقة بالاندفاع، والثلاثين بالتأني، والأربعين بالنضج، والخمسين بالثبات الفكري.. وهلم جراً.

وأعظم جهاد يمكن أن يمارسه أي إنسان هو أن يحتفظ بقلبه نقياً تجاه الآخرين، مهما اختلفوا معه في الأفكار، وأنماط الحياة.. وكلما طالت فترة النقاء هذه ارتقى أكثر وفق مقياس الصلاح الإنساني، وهو – من وجهة نظري – أرقى مقاييس الصلاح، وأكثرها صدقاً.

ومن النادر، وربما من المستحيل، أن تخلو حياة إنسان من خيبات عدة، تسبب فيها أشخاص لهم مكانة مميزة في قلب، وبمقدار مكانة كل واحدٍ منهم يكون الألم، لذلك من الصعب جداً أن نخرج من خيباتنا الكبيرة أنقياء كما كنا قبلها.. ومن هذه النقطة تحديداً تبدأ المهمة الأصعب في حياتنا، وأعني بها جهاد أنفسنا لمقاومة المشاعر السلبية تجاه المتسببين بآلامنا، من أحقاد، وضغائن، وكراهية.. وغيرها.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟

كثيرون يتحدثون عن التسامح، لكنهم في حقيقة الأمر لا يتعمقون كثيراً في معنى هذه القيمة الإنسانية العظيمة، ويظنون أنه يتوقف عند العفو عمن أخطأوا في حقنا يوماً، واستئناف علاقاتنا معهم، لكن في واقع الأمر المعنى أعمق من ذلك بكثير، ويتجاوز مفهوم العفو، إلى مفهوم أعمق، وأسمى.. هو المحبة.. وتمنِّى الخير لهم، والعمل على مساعدتهم لو احتاجوا إلى ذلك، وتجنب إيذائهم بكل الصور، أما العفو عنهم، مع إبطان المشاعر السلبية تجاههم، فهو سلوك غير سوي، ولا علاقة له بمفهوم التسامح.