أحمد المسلماني

مستشار الرئيس المصري السابق ـ مصر

بيرو.. هي الدولة الوحيدة في العالم التي يخضع فيها أربعة رؤساء للمحاكمة.. الأسبوع السابق انتحر أحد الرؤساء بينما تحاول الشرطة القبض عليه، وفي الأسبوع الأسبق جرى اعتقال رئيس آخر.

تقع بيرو في غرب أمريكا الجنوبية، ويزيد عدد سكانها على 30 مليون نسمة، وتعود أصول معظم سكانها إلى القوى الرئيسة في عالم اليوم: الصين والهند واليابان وأوروبا.

ثمّة قصص مثيرة بشأن الرئاسة البيروفية في السنوات الأخيرة، ففي واحدة من أكبر عمليات التحقيق في العالم، قام الاّدعاء العام بتوجيه الاتهام إلى عدة رؤساء ووزراء بالفساد، وقد انصبّت أغلب الاتهامات على الحصول على رشاوي من شركة «أودبريشت» ــ شركة مقاولات برازيلية عملاقة جرى اتهامها بتقديم رشاوي، وفي عام 2016 اعترفت الشركة بأنها دفعت 800 مليون دولار في أمريكا اللاتينية مقابل عقود حكومية مربحة.

أحد الرؤساء المتهمين هو الرئيس السابق «آلان غارسيا»، الذي انتحر بإطلاق النار على نفسه الأسبوع الماضي، وقبل حادث الانتحار الرئاسي بأسبوع واحد جرى اعتقال الرئيس «كوتشينسكي» وإيداعه السجن.

وفي مارس 2019 كان المشهد أكثر إثارة.. حيث جرى القبض على البيروفي الأسبق «أليخاندرو توليدو» في الولايات المتحدة، وقد اعتقدت السلطات في بيرو أن واشنطن سوف تقوم بتسليم الرئيس المطلوب إلى بلاده، لكن لم يكن الأمر كذلك، حيث كان توقيف الرئيس بسبب قيادته السيارة مخموراً.

تتهم السلطات البيروفية الرئيس «المنتحر» آلان غارسيا بأنه تقاضى 100 ألف دولار، وتتهم الرئيس «المعتقل» كوتشينسكي «بتقاضي خمسة ملايين دولار، وتتهم الرئيس» المخمور «أليخاندرو توليدو بتقاضي عشرين مليون دولار! أمّا قصّة الرئيس البيروفي الأسبق «ألبرتو فوجيموري» فهي أكثر إثارة، فقد قضى هذا الرئيس - الياباني الأصل- على العصابات التي لطالما دمرت الأمن والسلم في البلاد، ووضع بيرو على طريق الاستقرار، إلاّ أنه اعتقل بتهمة الفساد، وبعد أن قضى في السجن عدة سنوات، قام الرئيس الحالي بالعفو عنه، فقام الادعاء البيروفي بمحاكمته بتهمة قتل مزارعين أثناء مكافحته حرب العصابات.. وهي قضية لا يمكن إصدار عفو رئاسي بشأنها.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


وكان الرئيس فوجيموري قد فاز في انتخابات الرئاسة البيروفية على أحد كبار نجوم الأدب في العالم.. والأديب الكبير «ماريو فارغاس يوسا» الحائز على جائزة نوبل عام 2010. استاء من الهزيمة فغادر إلى إسبانيا، وأما الرئيس الفائز فقد انتهى إلى سجون ليما.

توجد العديد من محاكمات الفساد في دول عديدة، وفي بعضها كان التحقيق يطال الرئيس. لكن بيرو وحدها هي التي هزمت جائزة نوبل ثم اعتقلت المنتصر، وهى الدولة الوحيدة أيضًا التي يحاكم فيها أربعة رؤساء.. ما بين «سجين» و«مخمور».. وما بين «هارب» و«منتحر».. تبدو السياسة في بيرو وكأنها مشهد درامي في روايات أديبها الأشهر ماريو فارغاس يوسا.