محمد فايت

«دورينا ممل» .. هذا لسان حال العديد من مشجعي ومتابعي دوري الخليج العربي الذي فقد بريقه في الآونة الأخيرة.

وبحسابات الأرقام نجد معدلات الحضور الجماهيري للمباريات متدنية، حيث بلغ في إحدى المباريات عدد الحضور 126 شخصاً وهو مؤشر بكل تأكيد خطر وينذر بخطر داهم على دورينا، الأمر الذي يتطلب وضع الحلول التي يمكنها إعادة الحياة لدوري المحترفين والنهوض به مجدداً.

أسباب كثيرة وعديدة يرى محللون ومتابعون ومشجعون لدوري الخليج العربي، أنها تقف وراء حالة ابتعاد الجماهير وانصرافها لمتابعة دوريات أخرى إقليمياً ودولياً، من بينها غياب النجوم أصحاب اللمسات السحرية والسمعة العالمية عن دورينا، حيث لم تعد الأندية تستقطب لاعبين عالميين مثلما كان في السابق، باعتبار أن نجوميتهم تعتبر عاملاً لجذب الجماهير للاستمتاع بما يقدمونه في الملاعب.

ولعب تراجع المستوى الفني لفرق الدوري في الموسم الجاري عاملاً رئيساً في ابتعاد الجماهير عن الملاعب خصوصاً وأن الشارقة متصدر للمسابقة منذ الأسبوع الثالث وحتى الآن بدون خسارة وفارق كبير من النقاط يفصله عن المطاردين، تحديداً العين الذي يمر بفترة سيئة للغاية في تاريخه حيث تكبد في الجولة الـ 20 للدوري خسارة قاسية من عجمان بلغت رباعية نظيفة، والحال نفسه وإن اختلف نسبياً في شباب الأهلي دبي المنافس الأقرب للشارقة، إلا أن الظروف لم تخدمه فبدايته للموسم السيئة خصمت منه الكثير.

وفي المقابل تعيش فرق الوصل والوحدة والجزيرة أوضاعاً غير جيدة، الأمر الذي انعكس سلباً على المنافسة على درع الدوري وهو ما أدى في نهاية المطاف لإفساح المجال للشارقة للمضي بثبات وعزم مواصلاً صدارته بسجل خال من الهزائم.

جمهور عاطفي

أخبار ذات صلة

«الشارقة الرياضي» يوقّع مذكرة تفاهم مع «الدفاع المدني»
فيفا يدعو طاقم الإمارات المونديالي لسيمنار حكام كأس العالم


«جمهورنا عاطفي ولا يأتي للتشجيع في حال ابتعاد فريقه عن المنافسة» هكذا لخص المحاضر الآسيوي عبد الله حسن واقع عزوف الجماهير عن مدرجات دورينا، موضحاً «في ظل ابتعاد العديد من الفرق عن المنافسة على لقب الدوري، فمن الطبيعي ألا نرى جماهير تحتشد في المدرجات، وهذا يعود لطبيعة العلاقة التي تربط بين الأندية والمشجعين حيث تحكمها العاطفة، فعندما يكون الفريق منافساً تجدهم خلفه وعندما يبتعد بكل تأكيد لن يأتوا للتشجيع».

وأضاف «حتى مباريات الديربي في الموسم الحالي لم تشهد أي إثارة أو حضوراً جماهيرياً كبيراً، (بلغ عدد الحضور في مباراة الشارقة والعين 5083 مشجعاً)، كما كان يحدث في المواسم الماضية، ومرت كأنها مباريات عادية، وهذا يرجع لابتعادها عن المنافسة، كما في حال ديربي بر دبي بين النصر والوصل وديربي أبوظبي بين الجزيرة والوحدة».

وتابع «من الأشياء السلبية والتي أراها أثرت بشكل كبير في مستويات الفرق واللاعبين في النسخة الحالية للدوري هي تغييرات المدربين، الأمر الذي انعكس سلبياً على مردود اللاعبين ونتائج الفرق، وهو وضع لم تسلم منه الكثير من الأندية وأدى لهبوط مستوياتها».

أهداف متغيرة

وأشار المحاضر الآسيوي إلى أن أهداف الأندية في بداية الموسم تختلف من فريق لآخر، فهناك فرق تتطلع للمنافسة على اللقب، وأخرى تدخل من أجل البقاء في الدوري وعدم الهبوط، وبعضها يريد المنطقة الآمنة، ولكن عندما تبدأ المنافسة تتغير الأهداف، وفقاً لنتائج المباريات.

وأضاف «على سبيل المثال نجد نادي الشارقة في بداية لم يكن يخطط للفوز بلقب الدوري، حسبما أوضحت إدارته، ولكن نتائجه وضعته على الصدارة ومن ثم بدأ في تغيير أهدافه ليكون لقب الدوري هدفه، والعمل الذي قدمه الشارقة في الموسم يعتبر نموذجاً يحتذى به، لا سيما ثبات المستوى في ظل تراجع المنافسين».

استقطاب الأجانب

وبخصوص تعاقدات الأندية مع اللاعبين الأجانب رأى حسن أن «كل نادٍ لديه ميزانية محددة لاستقطاب الأجانب وفق إمكاناته المالية وهذا يتطلب دراسة وافية لاحتياجات الفريق حتى تكون التعاقدات مفيدة، إلا أن تغيير المدربين يعود بشكل سلبي دائماً على اللاعبين الأجانب ما يؤدي لهبوط مستوياتهم ويجعلهم خارج الخدمة (حادثة لاعب الوحدة المغربي مراد باتنا مع تين كات مثلاً)، وبعض المدربين الجدد قد لا تكون لديهم قناعة باللاعب الأجنبي، وبالتالي يبقيه على دكة الاحتياطي ما يجعل الفريق يفقد خدماته».

رحيل عموري

أكد مدرب الفريق الرديف في بني ياس والمحلل الفني جمال الحساني، أن النسخة الحالية لدوري الخليج العربي جاءت مملة ولم تحمل إثارة كبيرة نسبة لعوامل كثيرة، يراها تقف وراء ذلك، أبرزها رحيل النجوم البارزين وعدم استقطاب لاعبين مميزين، كاشفاً أن ذهاب عمر عبد الرحمن «عموري» للهلال السعودي أسهم في تدني المتابعة الجماهيرية لنادي العين، لا سيما أن النجم الإماراتي يحظى بجمهور خاص يأتي للمباريات للاستمتاع بالعروض التي يقدمها، وفي المقابل لم يكن الوافدون الجدد لدورينا في مكانة ونجومية عموري، وعلى صعيد اللاعبين المواطنين لم يظهر نجم جديد في مستواه.

وأضاف «يعد محترف نادي النصر الإسباني ألفارو نيغريدو من أبرز الأسماء الوافدة لدورينا، إلا أن عطاءه لم يكن مرضياً، حيث كنا نتطلع لتسويقه بالشكل المطلوب حتى يسهم في زيادة المتابعين لمنافسات الدوري ومباريات النصر، ولكن ذلك لم يحدث حتى الآن».

وأرجع الحساني، غياب النجوم إلى تقليل النفقات المالية في الأندية، ما أدى لعدم وجود صفقات كبيرة في الموسمين الماضيين «أنا مع ضبط الصرف المالي في الأندية وأن توجه الأموال للصرف بشكل صحيح، وليس تبديدها في لاعبين ضعيفي المستوى كما كان يحدث سابقاً».

وأكمل «سقف الرواتب وغياب حوافز الفوز أيضاً أثر بشكل سلبي في عطاء اللاعبين في النسخة الحالية، والمال في كرة القدم هو المحرك الرئيس من وجهة نظري ولكن شريطة الاستخدام الجيد».

حلول

رأى، مدرب رديف بني ياس، أن خلافات وجهات النظر بين جماهير بعض الأندية وإداراتها أدت لتراجع عدد الموجودين في الملعب لمؤازرة فرقهم، كما ظهر جلياً في أندية الوصل والوحدة والعين والنصر، والجزيرة «هنا الدور يكون على إدارات تلك الأندية في البحث عن حلول لمعالجة مشكلات الجماهير التي تبدى اعتراضها عن المستويات المتراجعة لأنديها، وتعبر عن ذلك بعدم الحضور للملاعب».

وأضاف «كسب ود الجمهور أمر ضروري فهو الباقي ويذهب الجميع إدارة أو لاعبين أو مدربين، وعندما لا يجد عطاء مسؤولي إدارات الأندية قبولاً عند الجماهير عليهم المغادرة وعدم التمسك بالمناصب وإفساح المجال لغيرهم».

وطالب الحساني، إدارات الأندية بضرورة عقد جلسات مصالحة مع الجماهير في شكل لقاءات مفتوحة تسمع فيها جميع الآراء، حتى تسهم في إزالة حالات الاحتقان وإذابة الخلافات وشرح الملابسات والأوضاع التي يمر بها الفريق، لكي تستطيع تجاوزه بمساندة الجماهير ووقفتها مع الفريق، بدلاً من لغة التواصل الحالية في وسائل التواصل الاجتماعي في إيصال الرسائل للجماهير.

وذكر أن الحضور الجماهيري الكبير يمنح الدوري الإثارة والندية المطلوبتين ولكن في ظل التراجع المخيف للمشجعين من الطبيعي أن يقل حماس اللاعبين فكلما كان الملعب ممتلئا يكون عطاء اللاعبين أكثر قوة وتميزاً.

مسؤولية مشتركة

قال قائد مدرج الوحدة فهد المنصوري الشهير بـ «فالودة» إن «النسخة الحالية تعد الأسوأ في الحضور الجماهيري، وبها الكثير من الملل الذي أدى لعزوفهم عن المدرجات، وذلك لعدة أسباب على رأسها غياب التسويق الجيد لدوري الخليج العربي، وهنا المسؤولية مشتركة بين المنظومة الكروية ممثلة في الأندية والهيئة العامة للرياضة واتحاد الكرة ولجنة دوري المحترفين، جميعهم مسؤولون عما يحدث لدورينا».

وأضاف «لا بد من العمل الجاد على استقطاب المقيمين من الجاليات في الدولة، والسعي لإدخالهم في المجال الرياضي وهذا لا يتأتى إلا عبر العمل الجاد بالتنسيق بين تلك المؤسسات وأن تعمل في بوتقة واحدة، مثلما حدث في الدوري السعودي الذي أصبح في مصاف الدوريات العالمية في الموسم الحالي بعدما تراجع في الأعوام الأخيرة».

ولفت فالودة إلى أن «غياب التنافس بين الأندية على بطولة الدوري في الموسم الحالي أدى لعزوف الجماهير عن المدرجات، وهو وضع طبيعي في ظل تراجع النتائج فهي المحفز الرئيس للجماهير لكي تأتي وتشجع، فليس من المعقول أن نطالب بحضورهم والفرق لا تحقق نتائج مرضية، وهذا الوضع ينطبق على العديد من الأندية الجماهيرية في الموسم الجاري عدا جمهور الشارقة الذي نراه يقف خلف فريقه المتصدر».

وخلص فالودة، إلى أنه، من الضروري العمل على البحث عن الأسباب التي أدت لخروج النسخة الحالية بهذا الشكل غير المرضي، « التراجع بدأ منذ 2015 حيث كان وقتها منتخبنا الثالث على آسيا وكذلك أنديتنا توجد في قمة آسيا، ومن بعدها بدأ التدهور نحو الوراء، ولذلك لا بد من استصحاب كل الأسباب التي تسببت في الوضع الحالي لتكون المدخل للحل الصحيح حتى يعود دورينا أقوى كما كان لا سيما أننا طبقنا الاحتراف منذ عشر سنوات».

ركود على سوشيال ميديا

أوضح مسؤول حساب «حدث الرياضة» في توتير، الذي يعد من أنشط الحسابات الرياضة في الموسم الجاري، أن التفاعل الذي تجده الحلقات والبرامج التي يقدمها الحساب عن دوري الخليج العربي ليس بالمستوى المطلوب والذي ترغب فيه إدارة الحساب.

وكشف عن متوسط المشاهدة للحلقة الواحدة في يوتيوب هو 15 ألف مشاهدة، في حين أن حلقة «ديربي الرياض» بين الهلال والنصر السعوديين حققت 300 ألف مشاهدة، وهذا يعود لاختلاف المنافسة بين الأندية في دورينا وكأس الأمير محمد بن سلمان، بجانب أعداد المتابعين للدوري هنا وهناك.

وقال مسؤول الحساب «إن غياب المنافسة في دوري الخليج العربي تعتبر السبب الرئيس لتراجع متابعة الدوري من قبل الجماهير»، مضيفاً «بعض مشجعي الأندية عندما تخرج فرقهم من المنافسة يبتعدون عن متابعة الدوري، وهذا لمسناه من خلال تجوالنا في المدرجات لاستطلاع آراء المشجعين».

وخلص، إلى أنهم سيعملون على تكرار التجربة في الموسم المقبل، في محاولة منهم لزيادة التفاعل على الشوسال ميديا والترويج لدوري الخليج العربي، لا سيما بعد الإشادات الواسعة التي وجدها عمل الحساب.