د. عبد العزيز المسلّم

عنوان هذا المقال، هو عنوان محاضرة قدمتها الأسبوع الفائت في مجلس محمد خلف في أبوظبي.. كنت أود من خلال هذه المحاضرة لفت الانتباه إلى تلك الذخائر النفيسة من تراثنا البعيد الذي نسيناه، أو تناسيناه.

التراث الأقرب هو التراث المُعاش حالياً، التراث الذي لم يغب عنّا أبداً منذ دخول الحداثة إلى بلادنا، ومن ذلك التراث الأقرب، المجالس، القهوة، الزي التقليدي والأكل الشعبي، وهي أمور حاضرة بتفاصيلها في حياتنا اليومية دائماً، رغم بعض الشوائب والزيادات.

لكن تراثنا الأبعد هو ذخائر ذهبية لطالما نسيناها أو تناسيناها، هي ذخائر خلفتها لنا هذه الأرض الطيبة، الأرض الذي جادت علينا بفضل الله بخيرات كثيرة لا تحصى، لكن تلك الأرض أيضاً حوت حضارات وآثاراً وكنوزاً ثقافية عديدة، يجب العناية بها وترويجها بين أبنائنا في المقام الأول، ثم الذود عنها والحفاظ على ملكيتها لنا نحن الإماراتيين.

كما حازت الإمارات على طبيعة متنوعة، وبيئات غنية يحلم بها الكثير، فالساحل في الإمارات هو شريط الحياة الذي وفر للناس الرزق، الانفتاح، الحضارة، كما أن الصحراء التي تحيط بذلك الساحل وفّرت العمق، الأصالة، الحكمة، وكذلك الواحات التي جاورت تلك الصحراء وفرت الخير، الغذاء، الطمأنينة، أما الجبال التي تحد الإمارات من الشرق والشمال فقد وفّرت لها الملاذ، القوة، المنعة، وهو تنوع بيئي طبيعي جميل.

وإذا ذهبنا إلى الإرث التاريخي والأثري فقد ارتبط بحضارات إنسانية عريقة، فنشأت فيها حواضر مهمة من العصر الحجري إلى البرونزي إلى العصور الإسلامية المختلفة لتشكل نقطة ارتكاز حضارية محورية.

الإمارات بها مناطق كثيرة ذكرت قديماً عند البلدانيين والجغرافيين، وهي حتى الآن ذات وهج وتميز من تلك المناطق التي أصبح بعضها مدناً، مثل (دبا، كلبا، جلفار، خت، خورفكان، توام، بينونه، حتا)، تلك المناطق المذكورة عند البلدانيين والجغرافيين مر ببعضها ابن بطوطة فذكرها، وأجاد في وصف كثير من تفاصيلها، لنتبين من ذلك أهمية تلك المناطق في الماضي والحاضر.. كما لا ننسى من تراثنا البعيد عالم البحار المجيد أحمد بن ماجد، الذي عُرِف بمعلّم بحر العرب والمحيط الهندي.. وللحديث صلة.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟