منورة عجيز

حصدت رواية «بريد الليل» للكاتبة اللبنانية هدى بركات القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر» في نسختها الـ 12 التي أعلن عنها أمس ضمن حفل رسمي نظم في أبوظبي.

وكشف رئيس لجنة التحكيم شرف الدين ماجدولين عن اسم الرواية الفائزة، حيث حصلت بركات بموجبها على جائزة نقدية بلغت 50 ألف دولار، إضافة إلى ترجمة الرواية إلى اللغة الإنجليزية عام 2020.

وقال ماجدولين إن «بريد الليل» تعبّر عن تجربة في الكتابة الروائية شديدة الخصوصية بتكثيفها واقتصادها اللغوي وبنائها السردي وقدرتها على تصوير العمق الإنساني، ويتمثل تحديها الكبير في أنها استخدمت وسائل روائية شائعة وأفلحت في أن تبدع داخلها وأن تقنع القارئ بها.

رواية مُحكمة

بدوره، أكد رئيس مجلس أمناء الجائزة العالمية للرواية العربية ياسر سليمان أن الرواية تتناول موضوعها الرئيس باقتصاد لغوي بالغ يجعل كل كلمة من كلماتها لبنة محكمة تؤدي دورها في بناء فضاءات من المعاني المتقاربة المتباعدة في آن واحد.

وذكر سليمان أن القارئ يتابع مسارات السرد في الرواية بأحاسيس متداخلة تحول دون التسطيح، على الرغم من تمركزها حول موضوع اللجوء والتهجير الذي طالما شغل أهل الأدب في عالمنا الهش.

أخبار ذات صلة

«إصدارات أدبية تسجل تاريخ الوطن» ندوة بالأرشيف والمكتبة الوطنية
«دبي للثقافة» تدشن «التبدّل والتحوّل» في مكتبة الصفا


حكايات أصحاب الرسائل

وتتضمن رواية «بريد الليل» حكايات أصحاب الرسائل الذين كتبوها وضاعت مثلهم، ولكنها تستدعي رسائل أخرى وتتقاطع معها مثل مصائر هؤلاء الغرباء من المهاجرين أو المهجّرين أو المنفيين المشردين، يتامى بلدانهم التي كسرتها الأيام. وليس في هذه الرواية من يقين، إنها كزمننا منطقة الشك الكبير والالتباس، وإمحاء الحدود وضياع الأمكنة والبيوت الأولى.

إلهام المهاجرين

وقالت هدى بركات إن ما دفعها إلى الشكل الأخير للرواية كان نفاذ مشاهد المهاجرين الهاربين من بلدانهم إلى وساوسها، مضيفة أن «هؤلاء المشردين في الأرض، المستقلين قوارب الموت، لا يريد العالم النظر إليهم إلا ككتلة غير مرغوب فيها أو كفيروس يهدد الحضارة، في حين رحنا نكتشف تراجع البعد الإنساني لتلك الحضارة وتحصن القوميات بإقفال الأبواب».

أصوات هشة

وتابعت الروائية اللبنانية: «هذا لا يعني أني أريد للبلدان الغربية أن تشرع الحدود أو النظر إلى هؤلاء كملائكة، أردت فقط الإنصات إلى نفوس تهيم في صحراء هذا العالم، وآمل أن تكون هذه الرواية قد أسمعت بهذا القدر أو ذاك أصوات حيوات هشة يتم إصدار الأحكام عليها دون فهمها أو استفتاء ما أوصلها إلى ما صارت إليه».

واختيرت رواية «بريد الليل» من قبل لجنة التحكيم باعتبارها أفضل عمل روائي نُشر بين يوليو 2017 ويونيو 2018، وجرى اختيارها من بين ست روايات في القائمة القصيرة للأدباء كفى الزعبي، شهلا العجيلي، عادل عصمت، إنعام كجه جي، ومحمد المعزوز.

سيرة كاتبة

ولدت هدى بركات في بيروت عام 1952، وعملت في التدريس والصحافة وتعيش حالياً في باريس، حيث أصدرت ست روايات ومسرحيتين ومجموعة قصصية، إضافة إلى كتاب يوميات، وشاركت في كتب جماعية باللغة الفرنسية، وتُرجمت أعمالها إلى العديد من اللغات.

منحت الجمهورية الفرنسية بركات وسامين رفيعين عن أعمالها الروائية «حجر الضحك، أهل الهوى، وحارث المياه، سيدي وحبيبي، وملكوت هذه الأرض»، كما ترشحت بركات لجائزة المان بوكر العالمية عام 2015 التي كانت تمنح آنذاك مرة كل عامين عن مجمل أعمال الكتاب.