مصطفى طوسه

بين أوروبا وترامب خلافات حول الشكل والجوهر في مواضيع مصيرية

صفقة القرن تستحوذ على عناوين الصحف العالمية، وعلى اهتمامات عواصم القرار الدولي والإقليمي من دون أن يعرف أحد بالتفصيل مضامين هذه الخطة الأمريكية ذات الهدف الطموح بوضع نقطة نهاية لصراع إسرائيلي فلسطيني عربي دام عقوداً طويلة ودامية.. ما يعرف حالياً هو التسريبات الشحيحة والتلميحات الغامضة، التي أشار إليها مهندس هذه الصفقة مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشؤون الشرق الأوسط وصهره جاريد كوشنيرـ قليل الكلام في الموضوع ـ حيث كانت المقابلة الوحيدة التي استرسل فيها نسبياً حول صفقة القرن من نصيب قناة سكاي نيوز عربية، وما عدا ذلك تكاد تشبه هذه الصفقة وصفة جواسيس في السرية المبالغ فيها.

في خضم صياغة هذه الصفقة التقى فريق جاريد كوشنير بزعماء إسرائليين وعرب، إضافة إلى القيادة الفلسطينية، لكن نشاطاته لم تسجل أبداً لقاءات علنية مع زعماء أوروبيين لاستشارتهم أو محاولة إقناعهم بالانخراط الفعلي في مشروعه الطموح هذا.. لذا نجد الدبلوماسية الأوروبية تنظر بحيطة وحذر إلى هذه الصفقة السرية، حيث تقول كل المؤشرات إنها تتناقض تماماً مع مقاربة السلام التي تناضل من أجلها وعمودها الفقري حل الدولتين وعاصمتهما المشتركة القدس على حدود 1967، مع إمكانية إيجاد تفاهمات حول تبادل الأراضي لحل معضلة المستوطنات اليهودية.

الدبلوماسية الأوروبية تقول: إنه لا يمكن التعليق على خطة لم يتم الكشف عنها بعد، لكن هذه الدبلوماسية نفسها لم تفعل شيئاً حين قام دونالد ترامب في خطوات أحادية الجانب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وبالاعتراف بالسيادة الإسرائلية على هضبة الجولان السورية، وبقطع المعونة والمساعدة عن المؤسسات الفلسطينية.

أوروبا، بمعظم أصواتها النافذة، قالت إنها تعارض مثل هذه الخطوات التي لم تولد بعد مخاض مسلسل تفاوضي بين الأطراف المعنية وتعارض مبدأ الإملاءات والهدايا الأمريكية التي يقدمها دونالد ترامب لصديقه بنيامين نتنياهو.

لذلك لا أحد يتوقع أن يصفق الأوروبيون لصفقة القرن إذا كان عنوانها الأساسي التضحية بحق الفلسطينيين في دولتهم المستقلة وتحويلهم إلى مواطنين إسرائليين من الدرجة الثالثة.

بين أوروبا ودونالد ترامب خلافات حول الشكل والجوهر في مواضيع مصيرية، والإعلان عن هذه الخطة بعد شهر رمضان ربما يشكل مناسبة للدبلوماسية الأوروبية لبلورة حل بديل يكون أقل انحيازاً للإسرائيليين وأكثر إنصافاً للفلسطينيين.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟