د. فاتح عبد السلام

صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية وصفت زيارة رئيس الحكومة العراقية عادل عبدالمهدي إلى باريس، بأنها (زيارة عائلية)، لكونه قضى فيها أربعين عاماً، ويحمل جنسيتها ولا تزال عائلته تعيش قرب مدينة سانت ايتيان.

وعلى الرغم من أن توصيف الصحيفة الفرنسية اليمينية مبالغ فيه ومجانب لحقيقة الحاجة لتلك الزيارة، إلا أن هناك جوانب افتراضية غير قابلة للتحقق والتنفيذ من الأطروحات التي توافرت عليها الزيارة.

البيانات الرسمية لبغداد وباريس تحدثت عن خارطة طريق استراتيجية وقّعها عبدالمهدي مع الرئيس الفرنسي ماكرون، تخص المجالات العسكرية والأمنية والاقتصادية.

يبقى العراق مهماً في نظر فرنسا، حيث يقع في عقدة بالغة الخطورة على خط مصالحها (الخافتة مؤقتاً في إيران)، والمتأرجحة بين رياح إقليمية ودولية عاتية في سوريا ولبنان.

الملفان العسكري والأمني قابلان للتنسيق والتحقق بحدود مرسومة سلفاً، لا يكون فيهما الاندفاع بشكل طفرات نوعية، إذ يمكن أن يُقر استمرار بقاء القوات الفرنسية في العراق وهي بحدود 1200 جندي في أحسن الأحوال، كما يمكن أن تعير فرنسا القوات العراقية مدافع سيزار الاستراتيجية الموجودة في العراق أصلاً في إطار مكافحة الإرهاب. وما يهم فرنسا مقابل ذلك هو عدم ترحيل عناصر داعش من العراق إليها، وقبول العراق باستقبال (جهاديين) فرنسيين أسروا في سوريا، ولا ترغب باريس في تسفيرهم إليها، وهي المهمة التي أبلغت بغداد أوروبا بقبولها مقابل تكاليف تصل لما يقرب من ملياري دولار، فضلاً عن استمرار التعاون الاستخباري الذي يأمل العراق من خلاله الحصول على المزيد من أجهزة التنصّت العسكري، لكن لذلك عراقيل عدة، أهمها: عدم قبول الأمريكان بوجود تنصت تكنولوجي خارج منظوماتهم وقريباً من نشاطهم العسكري، حتى لو كان لدى حلفائهم.

أما المجال الاستثماري الفرنسي في العراق، فهو ليس أكثر من أمنيات متبادلة، بعد التصعيد الأمريكي ـ الإيراني وعلامات الاشتعال الوشيكة، على الرغم من أن فرنسا تبدي تعاوناً في نطاق دعم بعض النواحي في المدن المدمرة ومنها الموصل.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


لا فرصة ظاهرة للتحليق بعيداً في العلاقات الاستراتيجية العراقية ـ الفرنسية، ولا ننسى أن ذلك يحدث في المجال الحيوي الأمريكي وليس خارجه.