مصطفى طوسه

عندما وصل دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، كان العنوان العريض للموقف الأوروبي هو المفاجأة الساخرة، حيث لم تمتلك نخب أوروبا نفسها من التعبير عن قناعة بأن هذا الرجل الآتي من عالم العقار وتلفزيون الواقع سيجد صعوبة كبيرة في إدارة قضايا الأمريكيين، وكذلك إدارة قضايا العالم المعقدة.

ما أكده الأوروبيون في سخريتهم ظاهرتين أساسيتين، الأولى: أسلوب دونالد ترامب في التعامل مع الرأي العام الأمريكي، حيث اكتسب شهرة الرجل الذي يغرد أسرع من ظله مرتكباً حماقات تلو الأخرى، والثانية: أنه باشر ولايته تحت ضغط العدالة الأمريكية، التي وجهت له سهام الاتهامات بالاستفادة من دعم روسيا فلاديمير بوتين عبر القرصنة الإلكترونية للفوز بالانتخابات الرئاسية.

الخطوات الأولى التي اتخذها ترامب صدمت الأوروبيين.. انسحاب استعراضي من اتفاق باريس الشهير لحماية البيئة، وتمزيق الاتفاق النووي الذي وقعته المجموعة الدولية مع النظام الإيراني، وممارسة ضغوط على دول الاتحاد الأوروبي داخل منظمة حلف شمال الأطلسي لكي تدفع مستحقات الدفاع الأمريكي عن مصالحها، وفتح مواجهة ضريبية مع دول الاتحاد الأوروبي لم يسبق لها مثيل في تاريخ العلاقات بين واشنطن وبروكسيل، إضافة إلى سياسية أحادية الجانب في الشرق الأوسط تتجاهل الأوروبيين عبر ما سُمي بصفقة القرن.

وبالرغم من أن بعض العواصم الأوروبية كانت تراهن على أن ترامب لن يكمل ولايته بسبب تهم الفساد السياسي التي تخيم عليه، إلا أن سيد البيت الأبيض ومع اندثار الغيوم القضائية يجد نفسه وفق المعايير الأوروبية في وضع سياسي يحسد عليه.. شعبية في صعود متزايد، وتراجع تاريخي لنسبة البطالة، وارتفاع لنسبة النمو الاقتصادي غير مسبوق تزامنت مع ارتفاع لمداخيل الأمريكيين.

كيف استطاع ترامب تحقيق هذه الإنجازات التي أصبحت تؤهله للفوز بولاية ثانية؟.. هذا هو السؤال الذي يؤرق حالياً مراكز القرار الاقتصادية والسياسية، وتضاف أسئلة أخرى من مثل: هل سياسته الحازمة تجاه بعض الفضاءات الاقتصادية مثل: الصين وأوروبا وكندا آتت بثمارها؟.

بعد سخرية ممزوجة بالامتعاض في بداية المشوار ينظر الأوربيون حالياً بإعجاب دفين لشخص وإنجازات دونالد ترامب ويتساءلون عن سر نجاحاته الاقتصادية، وهل بإمكانهم أن يطبقوا وصفته على بلدانهم؟!

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟