د. فاتح عبد السلام

أكاديمي وكاتب سياسي ـ بريطانيا

«حلب الجديدة».. مصطلح أثارته فرنسا منذ أيام فقط في الأمم المتحدة، يخص التطورات السورية في القصف المتجدد والمستمر في محافظة إدلب وما حولها، وذلك في معرض التحذير من تكرار ما حدث في حلب من تدمير وتهجير لم يسبق أن عاشته مدينة عربية في التاريخ الحديث باستثناء الموصل في العراق.

فرنسا، المعروفة تقليدياً بعنايتها بالوضع السوري، واستمرار تصويب عينيها على عموم بلاد الشام، لم تتمتع بأي دور دولي يليق بمكانتها بوصفها عضواً في مجلس الأمن، في التعاطي مع الحرب في سوريا والجانب الإنساني الكارثي فيها، لا سيما في حرب المدن العلنية منذ اندلعت الأزمة السورية قبل أكثر من ثماني سنوات.

وبدا واضحاً أنّ باريس تركت الحال كما هي عليه في تبادل الأدوار بين موسكو وواشنطن، وبين اللاعبين المحليين المؤثرين وهما: أنقرة وطهران، حتى باتت أية معالجة للوضع السوري خارج الثنائية الدولية أمريكا وروسيا، والثنائية الاقليمية تركيا وإيران ضرباً من الخيال.

التقارب الفرنسي مع الجانب الكردي من جهة، والعداء الفرنسي للأتراك في مختلف الملفات من جهة أخرى، وفشل باريس في إنتاج معارضة سورية تصل إلى السلطة.. جميعها عوامل لا يمكن تجاهلها في محاولة الإحاطة بسياسة فرنسا إزاء سوريا كدولة ووجود تاريخي وسياسي عربي، وكحكومة شاب العلاقة معها بعض التوتر النسبي أحياناً، من دون أن تتأثر أوضاع السفارة السورية في باريس.

وفي المحصلة لا يوجد رضا مشترك من الحكومة والمعارضة في سوريا على المواقف الفرنسية، لكن عدم اظهار ذلك التذمر مرتبط بالتقديرات الظرفية، فدمشق ترى فرنسا دولة قابلة للتفاهم ولم تصل إلى حد العداء القطعي يوماً، لا سيما بالقياس إلى مواقف أمريكية، ومن غير المناسب إثارة ملاحظات مستفزة إزاءها.

وكذلك المعارضة التي ركبت في المركب الفرنسي عبر الائتلاف وسواه، ليس بمقدورها أن تثير شيئاً من عدم الرضا في وجه فرنسا بما يهزّ وضعها (اللاجئ) لديها.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


الخطة الروسية السورية تسير بثبات لحسم الملف المقلق في إدلب، وتركيا مهما التزمت جانب بعض الفصائل المعارضة، فلن تقف على الضد على طول الخط، وهي التي تفاهمت على ملفات أقرب إليها وأهم من إدلب في اجتماعات أستانا، والسؤال هنا: متى تستخدم فرنسا ثقلها في مجلس الأمن للتأثير في سوريا؟