مصطفى طوسه

يدور حالياً في الأوساط السياسية والإعلامية الأوروبية جدل كبير حول طريقة التعامل مع الدواعش، حاملي الجنسية الأوروبية المسجونين في العراق وسوريا أو حتى ليبيا، لجهة هل تستحب عودتهم إلى بلدانهم الأصلية أم تجب محاكمتهم من طرف عدالة البلدان المسجونين فيها؟.

حول هذه الإشكالية أبدت الإدارة الأمريكية موقفاً غاية في الوضوح، فهي تحث البلدان الأوروبية على استرجاع مواطنيها ومحاكمتهم وسجنهم، وقد صاحب دونالد ترامب هذا الطلب الملح بتهديد صريح اللهجة، من أن حلفاءه الأكراد في المنطقة المدعومين أمريكياً قد يرغمون على إطلاق سراح هؤلاء الإرهابيين الذين سيتبخَّرُون حتماً ويغيبون عن رادارات المراقبة الأمنية، ويزيدون من سماكة التهديد الإرهابي للدول الأوروبية.

الدول الأوروبية رفضت الإملاءات الأمريكية، وقالت: إنها لن تسمح بعودة الأشخاص الذين انخرطوا في المشروع الإرهابي الداعشي لسببين أساسيين، الأول: أن عدالتهم المنبثقة من دولة القانون والمؤسسات غير قادرة على ضمان عملية إيداعهم في السجن، والثاني: أنه حتى لو سجنوا فإن ذلك يشكل خطراً على السجون الأوروبية التي تتعرض منذ سنوات إلى عملية استقطاب ونشر كثيف للفكر المتطرف جعلها تشبه مراكز وهيئات تفرخ في آخر المطاف متشددين سيخرجون من السجن ربما أكثر تشدداً بعد انتهاء عقوبتهم.

بالإضافة إلى ذلك، هناك صعوبة سياسة قوية يواجهها حالياً حكام أوروبا في إقناع رأيهم العام بإمكانية استقبال ومحاكمة عناصر ساهمت في مشروع داعشي زرع الرعب في قلوبهم، ودمر حياة بعضهم.

مثل هذه الخطوات من شأنها أن تعبد الطريق أمام القوى السياسية المعارضة، الحاملة للهوس الأمني، وتضعف أداء أي حكومة راهنت على فتح الباب لعودة طبيعة لجهاديي داعش في الخليج وشمال أفريقيا.

أمام هذا الوضع ارتفعت أصوات تقترح إنشاء آليات قضائية دولية تكون مهمتها محاكمة الإرهابين على شاكلة محكمة نورمبرغ، التي حاكمت في نهاية الحرب العالمية الثانية رموز النظام النازي الذين شاركوا أدولف هتلر مغامرته الدامية.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


وعندما سئل وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان عن رأيه حول هذا الاقتراح، أجاب بالقول: إن مرجعية نورمبرغ غير ملائمة، وإنه يفكر في آلية قد تستوحى من أمثلة أخرى في النظام القضائي الدولي، كما حصل بالنسبة لكوسوفو أو القارة الأفريقية.