خالد عمر بن ققه

ما جدوى الحديث عن فواجع الألم ومكرهات القبول السياسي وركوب مطية اللغة؟!

أتكون القيامة قد أزفت اليوم علينا نحن العرب قبل اقتراب السّاعة وانشقاق السماء، ونحن لا ندري، وربما فينا من يحلق في الملكوت ويستشرف الغيب توقّعاً ـ لا علماً ـ فيدري؟، أو على الأقل يقترب من نضج معرفي صهرته قوة الإيمان، وذلك مستوى من الإدراك لا يشمل ـ ظناً ويقيناً - إلا من أوتي الحكمة في امتدادها الخيري أمام جحافل الظلام في جميع المجالات، وخاصة الفكرية والدينية والسياسية.

هنا يأتي السؤال محمّلا بنور النبوة وعدم النطق عن الهوى في صيغة الجمع ما دامت الحالة عامة وشاملة، مع أننا نحاسب يوم الدين فرادى: ماذا أعددنا لها؟.. وتقفز الإجابة من الأكثرية الصامتة أو الناطقة: نحن لم نعد أمة واحدة بل شعوباً شتى، تجمعها المصالح والمنافع، فلِمَ التهويل ونحن نُبصَّرُ يومياً بمنجزات تحظى باعتراف الآخرين.. فيها وبها يعترف بحقنا في التبعية، بعد أهوال الرفض سلماً وحرباً، ومن خلال التعاطي في صيغة تزييف الوعي، تُقَام على الإلغاء أو التخلي وأحياناً بيع الثقافة الكلية الجامعة لأجل نهضة ـ بدون حياة ـ لثقافات فرعية نرى فيها علة الوجود، وعشق البقاء بما تهبه الحياة لأموات يجبرون على الستر فوق التراب، ما دامت عودتهم إلى الأرض يحول دونها أمد بعيد.

على الرغم من الوصف السابق ـ غير الدَّال ولا المُجْدِي ـ نجد أنفسنا في حيرة من السؤال الآتي: ما جدوى الحديث عن فواجع الألم، ومكرهات القبول السياسي، وركوب مطية اللغة، واستعمال الجناس والطباق، والتورية؟، فاللغة لسان الذات وكُنْهها، وآية الله في خلقه حديثاً وإبداعاً، أوت إلى ركن شديد في المصحف ومعاجم اللغة، ومن احتمى بها أمام عثرات الزمان، أُلْبِس ثوب الفقر والذل، إلا البعض وقليل ما هم، وحال أراضينا عن ذلك ليست ببعيد.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟

ها هي أرضنا تُلْقِي ما فيها وتتخَّلى، وما كانت نهايتنا ذات يوم في الأندلس إلا مثلما هي اليوم، حيث السقوط التدريجي، وهو ـ بلا ريب ـ عكس الهبوط الهادئ، الذين يسعى إليه فريق من المنتفضين في السودان، في وقت ترى فيه الغالبية العظمى ـ ومن هي على شاكلتها ـ في كل أوطاننا العربية أن الأفضل لنا العيش لسنوات في فترات انتقالية، بين كرّ وفرٍّ، حتى لو كانت نهايتنا، مثل «جلمود صخر حّطه السيل من عل».. مع الاعتذار التاريخي للشاعر امرئ القيس، ولحصانه أيضاً.