خليفة جمعة الرميثي

باحث في القيادة والتطوير ـ الإمارات

يتحدث بعض مدعي الالتزام وتجار مكاتب السياحة الجهادية والخرفان المسلمين والدواعش، وأمثالهم الذين يحملون القرآن فوق أسنة الرماح، وجميعهم يدعون بأنهم (حماة الدين) ولا أحد غيرهم يحميه، وتشاهد انقسامهم إلى عشرات الفرق، وجميعهم يضع شعار التوحيد خلفه كواجهة، وهي كلمة حق يراد بها باطل، كل تلك الجماعات المدعية حماية الدين يقاتل بعضها بعضاً، ويكفر بعضها بعضاً بالرغم من أنهم يصلّون الصلاة نفسها ويقرؤون القرآن نفسه، ويعبدون الله الواحد ـ سبحانه وتعالى ـ إلا أنهم يكفرون ويذبحون بعضهم.. والسؤال: لماذا؟

ذلك لأن كل فريق يريد لنفسه صفة (حماية الدين)، و يتكرر السؤال هنا أيضاً: لماذا؟.. لأنها تكسبه السلطة والقوة والتحكم في مصير البشر)، إذن المسألة ليست حماية دين، وإنما حب وشهوة السلطة التي لا يريدون أن يشاركهم أو ينازعهم فيها أحد.

لقد ابتلينا في هذا الزمان ببعض البشر لا يعرفون مقدار حجمهم، ويدّعون ما ليس فيهم، فالمسلم ـ مهما كان ـ ليس كفؤاً لحماية الدين لقوله تعالى: «إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ» فمن يتجرأ على الله ويشاركه في حفظ دينه؟ نحن مجرد عباد ننفذ ما أمرنا الله به في كتابه من عبادة وتعريف بالدين.

تعجبت من رجل فهم هذا الأمر قبل ظهور الإسلام، ففي كتاب الله سورة اسمها (الفيل) مجدت لأمر ربها، فعندما أراد قائد الأحباش (أبرهة) أن يهدم الكعبة، وحاولت قبائل العرب صده فهزمهم بجيوشه وأفياله، وعندما قابله عبدالمطلب جد النبي الكريم وزعيم مكة احترمه أبرهة وقدّره، وسأله عن حاجته، فطلب منه عبدالمطلب أن يعيد له نوقاً سرقها جنوده، وهنا تغير انطباع أبرهة عن عبدالمطلب وقال له: عندما رأيتك أكبرتك وقدرتك، ولكن بعد أن طلبت طلبك هذا احتقرتك، فكيف تفكر في الإبل وأنا أريد هدم الكعبة التي أنت زعيم أهلها.

قال له عبدالمطلب المقولة التي عرف بها الله بقلبه، وليس كما يقول البعض حدثني ثقة: إنه رب الإبل، ومن واجبه حمايتها أما الكعبة «فللبيت رب يحميه».

فخرج من عنده، وقد تكفل الله سبحانه بحماية بيته ودينه بطيور أبابيل.. ويا من لكم قلب يخشع، وعقل يفهم لا يجب أن يتاجر البعض بمشاعرنا، ويدّعي ما ليس كفؤاً له.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟