سارة المرزوقي

باحثة وأكاديمية في مجال المكتبات ـ الإمارات

تنقسم مؤسسات التعليم إلى: مؤسسات التعليم النظامي، ومؤسسات التعليم غير النظامي، ولا تتبع مؤسسات التعليم غير النظامي، كالمكتبات العامة، منهجاً محدداً، إذ يملك الجمهور كامل الحرية في اختيار ما يرغب في تعلّمه، بلا اختبارات ولا فروض دراسية.

في حين تتبع مؤسسات التعليم النظامي منهجاً محكوماً بأدوات وإطار زمني محدد، بهدف تحقيق رؤية وتوجهات الدولة التابعة لها، وتسعى دولة الإمارات في رؤيتها 2021 إلى تطوير الأنظمة التعليمية، بحيث تحقق مؤشرات عالية في الاختبارات الدولية للرياضيات والعلوم والقراءة.

وتنادي نتائج الأبحاث اليوم على استحياء بتعليم نظامي بقيود أقل، أقرب إلى قرينه التعليم غير النظامي، وربما قلبت تجربة فنلندا الجريئة الموازين مع مطلع الألفية الثالثة، إذ تحدّت الأنظمة التقليدية السائدة، عبر تقليص الساعات الدراسية، والتركيز على مهارات التفكير الإبداعي ومهارات التواصل، والتخفيف من الاختبارات وما تجلبه من ضغوط نفسية على الطالب، لذا جاءت التجربة مبشرّة بتحقيق طلابها نسباً عالية في الاختبارات الدولية مقابل تدني مستوى الرسوب إلى الصفر.

ولكي نكون محايدين، فهناك بعض الثغرات في تجربة فنلندا الثوريّة، والتي يسعى الباحثون لسدّها ما أمكن، لكن هذا لا يدحض التساؤل التالي: كيف يمكن إعادة صياغة التعليم النظامي؟

قد يكمن السر في الدمج بين الترفيه والتعلّم، وهو الأمر الذي تفطّن له مؤسس نظام التعليم العام «جون أموس كومينيوس» في القرن السابع عشر، حين نادى بمبدأ التعلّم التصاعدي، والتعلّم الترفيهي أيضاً.

وتعاقبت القرون وصار نظام التعليم العام بشقّه التصاعدي هو السائد، بيد أننا واجهنا صعوبة في إسباغ شقّه الترفيهي حلّة تنافسية تواكب قوّة مصادر الترفيه التي يغرق بها عصرنا الحالي، وهكذا بتنا لا نملك القدرة على جذب اهتمام وتركيز الطالب كما كان يفعل كومينيوس في عصره.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


يكمن الحل في جعل الطالب محور التعليم الذي يناسب قدراته واحتياجاته، فكأن النظام التعليمي بهذا يملك خواص المنشور الزجاجي في انكسار الضوء الأبيض من خلاله، ثم تحلّل هذا الضوء إلى ألوان تناسب قدرات كل طالب من دون الحاجة إلى الحشو والتلقين.

وعلى غرار المثل الشعبي الصيني: «لا تعطني سمكة لكن علمني كيف أصطاد»، تؤكد أيضاً عالمة الأنثروبولوجيا، مارجريت ميد في هذا السياق أن «علينا أن نعلّم الأطفال كيف يفكّرون، لا ماذا يفكّرون» وهذه العبارة البليغة، تفسّر كل شيء.