عمر عليمات

دعوة إيران لعقد اتفاق «عدم اعتداء» تدل على حالة من هوس القوة لديها

في الوقت الذي يقترح فيه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف اتفاق «عدم اعتداء» مع دول الخليج العربي لضمان أمن المنطقة، يؤكد مساعد قائد الجيش الإيراني، حسن سيفي، أن ثقافة القوات المسلحة الإيرانية تم نقلها إلى اليمن ولبنان وغزة وأفغانستان، في اعتراف واضح بأن طهران هي مَن أوجدت هذه الجماعات وسلحتها ودربتها، لتعيث فساداً وخراباً في أمن المنطقة والعالم.

تصريحات الوزير الإيراني تشكل حالة من الانفصام السياسي غير المسبوق، فبرغم كل تصريحاته التي تتحدث عن السلم الإقليمي، تعمل قوات بلاده العسكرية متمثلة في الحرس الثوري الإيراني (عبر الجماعات التابعة له) على تصعيد العمليات العسكرية التي تستهدف مصالح دول الإقليم، وليس أدل على ذلك من تكثيف الهجمات التي تقوم بها ميليشيات الحوثي بإرسال طائراتها المسيرة تجاه المملكة العربية السعودية.

دعوة الوزير الإيراني المغالِطة لعقد اتفاق «عدم اعتداء» تدل على حالة من هوس القوة الذي وصلت إليه إيران، فكيف لعاقل أن يصدق هذا الكلام؟ والجميع يدرك تماماً أن الحروب بالوكالة باتت «ماركة» إيرانية بلا منازع، فهي تخوض حرباً ضد المملكة العربية السعودية عن طريق الحوثيين، وتخوض حرباً أخرى لأهداف السيطرة والتوسع في سوريا، بعد أن أوجدت لنفسها قاعدة صلبة في لبنان منذ سنوات طويلة، وعشرات الميليشيات العراقية التي تتبع فيلق القدس.

صحيفة «واشنطن بوست» نشرت مقالاً قالت فيه: إن قائد فيلق القدس قاسم سليماني أجرى اتصالين بـ «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» في العراق، وبالأمين العام لحزب الله اللبناني بعد جلسة طارئة للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، في أغسطس 2018، قال لهم فيهما «لديكم إذن مني، اتبعوا المسار الصحيح الآن»، وهو ما يؤكد أن إيران اتخذت قرارها بإطلاق يد هذه الجماعات لزعزعة استقرار المنطقة منذ أكثر من عام، وما وصلنا إليه اليوم من تصعيد وتوتر هو نتيجة اللعب بالنار الذي مارسته إيران.

والسؤال هنا: ماذا تريد إيران فعلاً؟، وهل تستخدم هذه الجماعات لتحقيق مصالح ونفوذ فقط أم هي مجرد سياسة تصدير أزمات إلى الخارج؟ وفي الحالتين، فإن ما تقوم به طهران لا يمكن فهمه في هذا السياق، فالضرر الذي يلحق بها أكثر بكثير من تحقيق مصالح أو تصدير أزمة، والواقع يقول إن عقدة تصدير الثورة عادت وبالاً على نظام الملالي، فلا هو قادر على التخلي عنها ولا هو قادر على تحقيقها.. ببساطة، إيران غارقة في وحل وهمِ التوسع والقوة، متناسية أن دول المنطقة والعالم لديها خطوط حمراء وسقوف محددة لا يسمح بتخطيها لأيّ كان.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟