مارك لافيرني

باحث متخصص في شؤون الشرق الأوسط ـ فرنسا

انتهى رمضان، شهر المودة والتآخي والسلام والأمل، وهو الذي يذكرنا كل عام بالقيم الروحية التي ترافقت مع نزول الوحي الإلهي، ولكن، هل أصبح تحقيق السلام مجرد حلم؟، وهل اعتدنا أن نستهلّ كل عام جديد ونحن نحمل الشعور بأننا عدنا إلى ممارسة حياتنا اليومية بما فيها من مظاهر الظلم والعنف؟.

هنا في الإمارات، هناك محاولة للتعامل مع السعادة باعتبارها حقيقة ملموسة، أو أنها هدف يمكن لكل إنسان تحقيقه. ولكن.. ماذا تعني كلمة «سعادة» وفق المفهوم الدقيق للكلمة؟، وعلى سبيل المثال: هل يمكننا أن نشعر بالسعادة الكاملة لو كانت عنصراً لا نتشاركه مع من حولنا؟، وهل يمكننا أن نكون سعداء إذا كنا تحت التهديد أو في مواجهة الأخطار؟.

وكلنا نعرف طبيعة القضايا والتحديات التي تهدد جنسنا البشري، والتي نشعر بأن من الصعب الإفلات منها أينما كنّا ومهما كنّا، علينا إذاً أن نبقى متّحدين حتى نواجه هذه الأخطار، وأن نحاول اكتشاف الحلول الفعالة لمشكلاتنا، وربما يكون من بين التحديات الأخلاقية أن نختبر مدى قدرتنا على تجاوز الاختلافات التي تفرّق بيننا.

ولسوء الحظ، نحن لا نرى أن شيئاً من هذا يتحقق على أرض الواقع، ولا يزال السباق الأزلي لاغتنام الثروات المادية قائماً، بل إنه أصبح أكثر حِدّة مما كان عليه في سابق العصور والأزمان، وفي الديموقراطيات الغربية، تنشغل الشعوب بالبحث عن قائد يمكنه أن يظهر وكأنه تاجر الأحلام، ونحن نرى الآن كيف أن الحركات الشعبويّة تحقق النجاحات المتوالية، وهي تشعر بأنها عثرت على كبش الفداء في الغرباء والمهاجرين، أو بأولئك الذين يتمسكون بالإيمان بأديان مختلفة وينطقون بلغات مختلفة وينتمون لثقافات مختلفة.

وفي أماكن أخرى من العالم لا بدّ أن يثور البؤساء في انتفاضات متلاحقة للمطالبة بالخبز والكرامة، إلا أنه من المحتمل فشلهم في تغيير الأمور إلى الأفضل، وربما ينتهي بهم الأمر بالوقوع ضحايا للدجّالين.

وفوق هذا وذاك، وعندما نتابع الأخبار اليومية، يبدو لنا وكأننا نعيش في عالم مختلف، حيث يطلع علينا أعداؤنا السابقون من جديد من خلال ستارة حديدية، ونرى حلفاء الماضي المنتصرين وهم يمزّقون بعضهم بعضاً، والسياسيين يعبرون عن وحشية الأفعال التي يمارسونها.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


وبعد أن شاركناك هذه الأفكار الحميمية، دعنا نتمنى لك أن تقضي عيد فطر مباركاً، مع أملنا أن يتحلى قادتنا بالحكمة، حتى يحققوا السلام الدائم لمنطقتنا، التي اختارها الله لإنزال رسالته.