محمد زاهد غول

رئيس تحرير «الأندبندنت» التركية ـ تركيا

وصلت أزمة الصواريخ الروسية «إس 400» إلى ذروتها، ووضعت الحكومة التركية في أكبر أزماتها الدولية في التاريخ الحديث، وذلك بإعلان ألين لورد مساعدة وزير الدفاع الأمريكي قبل أيام أنه في حال لم تتخل تركيا بحلول 31 يوليو المقبل عن شراء نظام «إس 400»، فإن الطيارين الأتراك الذين يتدربون حالياً في الولايات المتحدة على طائرات «إف 35» سيطردون، وستلغى عقود الباطن الممنوحة لشركات تركية لصناعة قطع لطائرات «إف 35».

وهكذا أصبحت أمريكا لا تخفي تهديداتها إذا لم توقف تركيا صفقة شراء الصواريخ «إس 400» من روسيا، وقد جاء الرد الرسمي التركي على لسان رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة بتأكده على عدم التراجع عن الحصول على منظومة الصواريخ الروسية، ومؤكداً أن تركيا لن تفكر في شراء نظام باتريوت الأمريكي المضاد للصواريخ، ما لم تكن شروط العقد منافسة لتلك الواردة في عقد صواريخ «إس 400» مع روسيا، وأنه لم يتلق اقتراحات إيجابية من الطرف الأمريكي بشأن باتريوت.

الرد التركي لا يقل صلابة وله شروطه، فهو يقول: لن ننحني أمام تهديدات وإملاءات الولايات المتحدة، ولكنه في الوقت نفسه لم يغلق الباب على شراء صواريخ باتريوت الأمريكية، ما يعني أن إمكانية تراجع تركيا عن هذه الصفقة ممكنة ولكن بالشروط التركية بشأن شراء صواريخ باتريوت، وقد يكون ذلك مع عدم إلغاء الصفقة الروسية ولكن بتجميدها أو تأخير تنفيذها، لإبقاء ورقة الصواريخ الروسية بيد المفاوض التركي في المستقبل، بدليل إرسال تركيا للجنود الأتراك إلى روسيا للتدريب على استخدام منظومة الصواريخ «إس 400».

ولكن لا يتوقف تنفيذ صفقة الصواريخ الروسية على المعارضة الأمريكية فقط، بل إن أحزاب المعارضة التركية التي تمثل نصف الشعب التركي تقريباً بحسب نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة لا ترى ضرورة كبيرة للتمسك بالصفقة الروسية، مقابل خسارة كبيرة مع أكبر حليف اقتصادي وسياسي وعسكري لتركيا وهو الولايات المتحدة الأمريكية.

إضافة إلى أن توسع الخلاف مع أمريكا سوف يؤثر في العلاقات التركية مع الاتحاد الأوروبي، التي تنافس روسيا الاتحادية في مخاوف الأمن على وسط أوروبا والعالم، فصفقة الصواريخ سوف تزيد من أعداء تركيا في أمريكا وأوروبا ومنطقة الشرق الأوسط، وسوف تضعف السياسة التركية في المنطقة وتحد من نفوذها، وهو ما قد يفرض على الحكومة التركية التراجع عنها بضغوط داخلية وخارجية.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟