مصطفى طوسه

المقاربتان الأمريكية والأوروبية تعتبران إيران خطراً أمنياً على السلم العالمي

خلال الزيارة التي قام بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى فرنسا ولقائه مع الرئيس إيمانويل ماكرون تطرق الزعيمان إلى تدعيات الأزمة الإيرانية وأعطيا الانطباع بأنهما يتبنيان المقاربة نفسها، في حين انسحب الأول من الاتفاق النووي ويعمل الثاني جاهداً على إنقاذه والإبقاء على سريان مفعوله.

القيادة الإيرانية سارعت إلى انتقاد ماكرون وتوجيه أصابع الاتهام إلى باريس بتبني خطاب مزدوج، مرة بمساندة الاستراتيجية الأمريكية، ومرة أخرى بتفهم المصالح القومية الإيرانية.

وحقيقة الأمور تقول: إن الرئيس الفرنسي لم يغيّر أبداً من موقفه الأصلي من الأزمة منذ أن قرر ترامب تمزيق الاتفاق النووي مع إيران بتهمة أنه وُقّع في عهد الرئيس باراك أوباما تحت منطق الابتزاز، وأنه يمنح النظام الإيراني قدرات مالية تشجعه على التمادي في سياسته العدوانية تجاه جيرانه ومحيطه.

ومنذ اندلاع الأزمة، التي تزامنت مع وصول ماكرون إلى قصر الإليزيه، كان موقف الدبلوماسية الفرنسية مبنياً على أساس أنه إذا أرادت المجموعة الدولية إنقاذ الاتفاق النووي، فعليها أن تضغط على إيران لتوسع دائرة صلاحيات هذا الاتفاق ليشمل عنصرين أساسيين، الأول: يطال البرنامج الباليستي الإيراني، الذي يشكل تهديداً حيوياً على الإقليم بمختلف مكوناته، والعنصر الثاني: أن تتوقف السلطات الإيرانية عن سياستها العدوانية تجاه بلدان الجوار، وهي تعبث بأمنهم القومي سواء تعلق الأمر بتدخلات مباشرة في سوريا، العراق، اليمن أو لبنان، أو تدخلات غير مباشرة في بقية دول الخليج والشرق الأوسط.

كانت دائماً هذه هي الأرضية السياسية، التي أراد الرئيس ماكرون فرضها على المعادلة الإقليمية التي تمخض عنها انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي، وفرض عقوبات اقتصادية صارمة لخنق الاقتصاد الإيراني، وإرغام النظام على التفكك من الداخل.

العنصر الجديد الذي أضافه ماكرون خلال لقائه ترامب كانت له علاقة بمطلب للحفاظ على السلم الإقليمي والعالمي.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


الفرق بين المقاربة الأمريكية والأوروبية أن الأولى تريد تحقيق هذه الأهداف خارج الاتفاق التي تعتبر أنه لا يضمن تخلي إيران عن محاولة حيازتها السلاح النووي، والثانية تحبذ الوصول إلى الأهداف نفسها مع إبقاء ايران تحت المراقبة الدولية، لكن كلا المقاربتين تعتبران إيران خطراً أمنياً على السلم العالمي يتوجّب احتواؤه وتقليم أظافره.