خالد عمر بن ققه

أكاد أرى دخول السودان من خلال بعض الأطراف نفقاً هو أشد ظلمة من عهد البشير

بدت «فرحة» مستبشرة، وهي تركز عيْنيْها علينا أنا وزوجتي.. لم ننطق نحن ببنت شفة، ولكنها ما إن أنهت مكالمتها حتى توجهت إلينا بسؤال هو أقرب إلى اليقين: أأنتما من الجزائر؟، فأجبنا: نعم، وتحدَّثت مع نفسي: كيف عرفت، وأرجعت ذلك إلى فراسة سودانية معهودة، لكن قبل أن أواصل سهوي وانشغالي بخلفية المعرفة المبكرة لجارة تسكن معنا العمارة لم نقابلها من قبل.. قالت جارتنا السودانية: أبارك لكم انسحاب الرئيس بوتفليقة من حياتكم السياسية، ودعواتكم معنا أن يلحق به الرئيس عمر البشير قريباً..

سألتها مستفسراً: أَوَ راحل هو على حد ظنك؟.. قالت ضاحكة هذه المرة: من دون أدنى شك، لقد أفل نجمه وانتهى عهده، وسيكون السودان بعده بألف خير.

صدق توقع جارتنا السودانية، لكن الأيام أثبتت أن آمال الشعوب أكبر من مقدرات الدول، وأبعد من أن تتحقق على أرض الواقع، لأن الخلاف كان ولا يزال وسيبقى حول من يحكم من؟، لهذا يمكن القول: أن جارتنا السودانية حين فرحت بانتصار الشعب الجزائري على نظام فاسد ـ أو هكذا رآه ـ كانت بلا شك يومها جزائرية عربية مسلمة، إنسانية حتى النخاع، واعترافاً بجميلها الشعوري والمعنوي نقول في غيابها وحضورها: نحن اليوم سودانيون حتى النخاع، نُنَاصر من يناصركم ونعادي من يعاديكم، ومن نصرتنا لكم، دعوتنا بكف أيديكم عن الأذى لأنفسكم.

على خلفية ذلك، نرى في أفق الغيب ما يُعكر صفوكم وصفونا، من استجابتكم ـ خاصة المعارضة وأصحاب الحراك ـ لتدخل خارجي لا تهمه مصالح المنطقة، لتحقيق صلح بينكم، أنتم قادرون ـ بإذن الله ــ على تحقيقه، فلا تأخذكم العزة بإثم وهم الإصلاح، والوقت اليوم غير مناسب لأي محاسبات أو تصفيات من أي نوع كانت، وإني أكاد أرى رأي العين دخولكم ـ من خلال وساطات بعض الأطراف ـ نفقاً أشد ظلمة من ذاك الذي قطعتموه مكرهين مع الرئيس البشير على مدى ثلاثة عقود.

أعرف جيّداً أن إخواننا في السودان يعيشون هذه الأيام في أجواء الانتصار، وسواء أكان حقيقة أو وهماً، فإن هناك تغييراً حدث في حياتهم وفي المنطقة، قضى على التصور القائم لدى كثير من الشعوب، وخاصة من جيرانهم من أن هناك عقد زواج أبدي بين السودانيين والكسل، فاليوم يقظة، فلا تقبلوا أن يكون نتيجتها نهاية أبدية من خلال الدخلاء.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟