د. فاتح عبد السلام

السؤال اليومي على أفواه العراقيين، هو: لماذا لا يستطيع بلدهم مثل بقيّة البلدان المجاورة إنتاج طاقة كهربائية تفي باحتياجاتهم الضرورية؟

هذا التساؤل لم يعد عادياً، وأصبحت له معانٍ شتّى، لأنه يتكرّر بقوة في المشهد العراقي بعد أكثر من ستة عشر عاماً من التغيير، الذي ظنّ الناس في بداية حدوثه في عام 2003 أنّ عودة التيار الكهربائي إلى منازلهم بشكل طبيعي أبرز نتائجه الأولية بعد معاناة شديدة طوال سنوات الحصار.

أزمة كبيرة حدثت في البصرة ومدن الجنوب العام الماضي، سقط جراءها ضحايا في مواجهات غضب، والحال لم تتغيّر جذرياً في صيف هذا العام، على الرغم من التحسّن الملحوظ، كما أنّ العراق لم يدخل بعد في عمق صيفه الملتهب في الشهرين السابع والثامن من العام.

لم تعد أزمة الكهرباء عراقية محلية، بل باتت في صلب تصعيد الموقف بين الولايات المتحدة وإيران، حيث تضطر واشنطن كل ثلاثة أشهر إلى منح بغداد الاستثناء، المزعج لها، من العقوبات المفروضة على منتجات الطاقة الإيرانية، بسبب النقص الكبير بالعراق في إمكانات توليد الكهرباء، حيث يستورد العراق ما يصل إلى 28 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي من إيران لمصانعه، كما يشتري بشكل مباشر 1300 ميغاواط من الكهرباء الإيرانية.

لكنّ العراقيين ظلّوا يلومون الأمريكان أيضاً لأنّهم لم يدعموا مشاريع إحياء الكهرباء في فترة احتلالهم للعراق، التي امتدت سبع سنوات، وكان معظم الناس يأملون أن يتم التكفير عن ويلات الحرب بإجراء إصلاحات تنموية عاجلة في بلد منهك ومنكوب.

مقومات قيام مشاريع الكهرباء في أيّ بلد هي التمويل اللازم، ومن المعروف ضخامة الثروة المالية التي دخلت موازنة العراق من الإنتاج النفطي في عقد ونصف العقد من الزمن، وكذلك توفر المياه التي يستغل بعضها في مشاريع كهرباء فعلاً، من دون التفكير بإقامة مشروع مائي عملاق كانت تكفيه خمس سنوات ليكون جاهزاً ويغطي نقص إنتاج الطاقة، والعنصر الآخر هو الغاز والوقود السائل، وهذان متوفران في العراق، والأهم من ذلك، هو: الإرادة اللازمة لأجل الخروج من مرحلة الحاجة المستمرة للخارج إلى الاكتفاء الذاتي، وربما التفكير بالتصدير.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟