عمر عليمات

في ظل ممارسة الولايات المتحدة الأمريكية ضغطاً اقتصادياً غير مسبوق على إيران، اعترفت طهران بقساوته وتأثيراته فيها، يحاول النظام الإيراني رفع مستوى التوتر في المنطقة لزيادة منسوب تخوف العالم من نشوب حرب شاملة تتضرر منها المصالح الدولية، فالعمليات التفجيرية التي حدثت في خليج عُمان صُمّمت بطريقة لا تستوجب رداً عسكرياً مباشراً، ولكنها في الوقت ذاته تبعث برسالة مفادها بأن طهران قادرة على اللعب بالنار، إذا ما واصلت واشنطن خنقها اقتصادياً.

إيران تحاول أن تظهر للعالم قدرتها على خلق أزمة دولية تهدد مصالح مستهلكي النفط حول العالم، عبر إغراق المنطقة في حالة من الصراع العسكري المباشر، في محاولة منها لإيجاد حالة من الضغط الدولي لمصلحتها وتحسين موقفها أمام أمريكا، مراهنة في لعبتها هذه على أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب «لا يريد حرباً»، خاصة مع بدء سباق الحملات الانتخابية لولايته الثانية.

طهران لطالما لعبت على وتر تصدير الأزمات والهروب إلى الأمام، لضبط الداخل الإيراني وزيادة منسوب المخاوف العالمية، إزاء منطقة يرتبط العالم أجمعه بها بمصالح حيوية، وهي تدرك تماماً أن لا أحد يريد حرباً في منطقة مشغولة أصلاً بأزماتها وصراعاتها، لذا تُمارس سياسة عض الأصابع مع واشنطن، وترى أن لسياسة حسن الجوار وتعزيز علاقات السلام معها مفهوماً واحداً لا غير، وهو القبول بنفوذها بالمنطقة وترك أذرعها تعمل «بحرية» من دون تهديد أو تحجيم، وهذا هو السلام الذي تبحث عنه طهران وتقبله، ولن تتراجع عنه بالبساطة التي يتصورها البعض.

اللعبة التي تمارسها إيران قد لا تكون آخر ورقة بيدها، فما زالت أوراق الوكلاء لم تستخدم بشكل كبير - باستثناء ورقة الحوثيين وتكثيف هجماتهم على السعودية - إذ قد تلجأ طهران إلى خلط الأوراق عبر فتح جبهات خارج منطقة الخليج لتعزيز الهواجس الدولية من الدخول في صراع شامل لا يريده أحد.

تمادي طهران في لعبتها بحاجة إلى موقف دولي موحّد لمواجهة سياستها التخريبية، وهذا الموقف لا يزال بعيد المنال، فأوروبا لها وجهة نظرها وروسيا والصين لكل منهما موقفها المختلف عن أمريكا، واليابان حائرة بين مصالحها التجارية مع أمريكا ومصالحها النفطية مع إيران، وطهران تراقب هذه الاختلافات وتلعب على أوتارها، ولكن يبقى السؤال: إلى متى ستستفيد طهران من لعبتها المبنية على قناعتها بأن لا أحد يريد الحرب؟ وهل ينقلب السحر على الساحر؟.. أعتقد أن لا أحد يستطيع اليوم الجزم بالإجابة.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟