عبدالله فدعق

الأوضاع التي يمر بها السودان الشقيق، وأشقاؤنا في ذلك البلد الجميل، الذي أطلق عليه «سلة غذاء العالم»، أو «سلة غذاء العالم العربي»؛ وهو لقب يعزوه مطلقوه لوفرة الأراضي الزراعية الصالحة والمياه العذبة؛ أعادتني بالذاكرة لإحدى الشخصيات السياسية السودانية الرائعة، وأقصد تحديداً فخامة المشير عبد الرحمن سوار الذهب.

المشير عبدالرحمن، تغمده الله بواسع الرحمات، توفاه الله ـ سبحانه وتعالى ـ في عاصمة المملكة العربية السعودية، أواخر العام الماضي 18/‏ 10/‏ 2018؛ وكنت قد كتبت عنه مقالاً في مارس 2016، ذكرت فيه أن أجداده، رحلوا في الأصل من مكة، إلى الأندلس، فمصر، واستقروا قليلاً بأسوان، ثم حطت رحالهم في دنقلا، بشمال السودان.

مواراة جسد المشير الذهب، ثرى البقيع، بالمدينة المنورة، أرجعتني ـ وما زالت ـ للحديث الصحيح، الذي رواه الإمام البيهقي، وغيره، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم مرّ بجنازة عند قبر فقال قبر من هذا؟ فقالوا قبر فلان الحَبَشي، فقال لهم: «لا إله إلا الله، سيق من أرضه وسمائه، إلى تربته التي خلق منها»، وما رواه الإمام عبد الرزاق، في مصنفه، عن سيدنا عبد الله بن عباس قال: «يدفن كل إنسان في التربة التي خلق منها».

الحكيم سوار الذهب، منسوب إلى آل بيت النبي، صلى الله عليه وسلم، من جهة عمه سيدنا العباس، وتأثر بجده الشيخ محمد عيسى، الذي كرَّس حياته لنشر القرآن، وتعاليمه، ولا غرابة أن يكون قد توجه خالقه بقيم أخلاقية قل نظيرها؛ وقد عرفته فيما تيسر لي من وقت، سفراً وحضراً، وعرفه غيري في (مجلس حكماء المسلمين)، وكان آخر لقاء جمعنا به، في لندن، في أبريل عام 2018، في نشاط شبابي للمجلس، وأذكر أن شنطة ملابس فخامته لم تصل معه، ومدير مكتبه لم يصاحبه، وهو مطمئن بربه، غير مكترث بالفانيات حوله؛ هكذا كان، وهكذا استمر، وهكذا سيظل علامة بارزة في تاريخنا المعاصر.

أعود لبداية المقال ـ الأوضاع السودانية ـ وبعد سرد مختصر لرمز سوداني جميل، يفتقده كثيرون، خصوصاً في ظل هذه الظروف؛ لأناشد أهلنا هناك، إلى الانحياز والاستماع لسودان الوطن، والحذر من التمزق، والتفرقة، وأن يكونوا صفاً واحداً ضد الأوصياء، والمتربصين بهم، والمتآمرين عليهم.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟