د. عبدالله الكمالي

يحدثنا التاريخ أن الأندلس عانت جداً في عصر ملوك الطوائف، فعدوهم وحد صفوفه وجمع كلمته، وجنوده لغزوهم، وهم يعيشون في فرقة وشتات عظيم، وبعد ذلك اجتاحهم العدو وأنهى وجود دولة المسلمين في الأندلس.

وفي التاريخ الحديث وفي شبه الجزيرة العربية أرخ أحدهم لقبيلة قليلة العدد شديدة البأس، وذكر أن من أسباب انتصار هذه القبيلة على غيرها في الحروب والمعارك أنهم رغم قلة عددهم كلمتهم واحدة وترابطهم شديد جداً، فانظروا، رعاكم الله، إلى الفرق بين الحالتين، والله تعالى يقول في كتابه العظيم: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).

الأعداء على مختلف الجبهات يضمرون الشر بمنطقتنا ودولتنا، ومن أكثر ما يغيظهم اجتماع كلمتنا حول ولاة أمرنا، فالكلمة واحدة عندنا والصف واحد فلا مكان لمفرق ومخذل وخائن، وفي هذه الأوقات نرى جميعاً أن التوتر في المنطقة عموماً قد زاد، والواجب علينا أن نتوجه إلى الله تعالى أولً وأخيراً فهو حسبنا وسيكفينا القوي العزيز شر عدونا اللئيم، ثم علينا أن نجتمع على كلمة واحدة مع ولاة أمرنا في العسر واليسر والمنشط والمكره وأثرة علينا، فنحن معهم، بإذن الله تعالى، في السراء والضراء والبيت متوحد على السمع والطاعة.

من جهة أخرى، علينا أن نحذر من سلوك طريق أهل الفرقة والتشرذم، فنراهم والعدو قريب منهم لا هم لهم إلا كيل التهم لأبناء البلد الواحد، والسعي العظيم لتفرقة المجتمع المتحد، ففعلهم نشاز ولكن له صوت بدأ بالارتفاع والعلو، فبدل أن يوحدوا الجهود على جبهة واحدة قاموا باستعداء الناس على دولهم، فطرحهم يقدم خدمة جليلة لكل متربص بدولهم.

والعجيب أن منهم من يرمي أغلب أبناء مجتمعه بالتهم القاسية، فالوطنية عندهم فقط، ولهم في غيرهم من أبناء الوطن المخلصين لوطنيتهم شك كبير لأنهم في زعمهم يعيشون في عصور الظلام، وهم أهل التنوير والنور، ويطرحون أيضاً مسائل تشكك الناس في أصول دينية ثابتة، ويقدمون للمجتمع شخصيات قلقة تشغل الرأي العام، ويتسلسل أهل الإرجاف من خلال هذه الخدمة المجانية لهم، فليتهم سكتوا وابتعدوا عن هذا الطرح المشين، فالمجتمعات في المنطقة بأمس الحاجة إلى كلمة واحدة تجاه تهديدات إيران وألاعيب قطر وأذرعها الإعلامية.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟