منى الرئيسي

في كل يوم «اثنين» أكون على موعد مع أوراقي، التي أتشبث بها ـ بمرور الوقت ــ ما تتشبث هي بأفكاري، وتستميل قلمي لتجبره على استنطاق ما لا ينطق واستدراك ما لا يدرك..

من أين أبدأ وكيف أبدأ، سؤالان يلازماني ويؤرقاني أحياناً كثيرة ويسحباني نحو الذات البشرية لمن سأكتب عنهم، فأجدني مرتجفة القلب والقلم..

يقول الروائي الألماني زيغفريد لينس: «في عالمنا يصبح الكاتب هو الآخر عارفاً بحقائق الأمور، عارفاً بالظلم والجوع والمطاردة والأحلام الخطرة، يبدو لي أن عمله لا يمكن أن يستحق القبول إلا عندما يعلن عن معرفته تلك، وعندما يتخطى الصمت الذي يُدان به الآخرون».

تساءلت هنا: «متى يصل الكاتب إلى هذه المرحلة من الإنسانية البحتة فينظر لمحيطه بتجرد تام ويتعمق في التفاصيل دون أن يصدر حكماً أو نقداً؟»..

ذلك يقودنا أيضاً إلى تفاوت درجات الإبداع بين الكتّاب والأدباء ممن اتكأوا على الواقع في كتاباتهم، فأصبح طوع حروفهم، إلا أن البيئة المحيطة بهم هي ما شكل ملامح ما ينقلونه لنا، فنجد ديستوفسكي ببؤسه وسوداوية حياته، ويقابله في الجزء الآخر من العالم أدباء المهجر الذين تفيض أوراقهم لوعة وحنيناً كجبران خليل جبران وإيليا أبو ماضي.

إذاً الكتابة الواقعية ليست «شخطة قلم»، بل تتطلب معرفة عميقة بالواقع المعاش واستشعاراً عالياً بالأحاسيس الإنسانية البسيطة والمعقدة على حدٍ سواء، والأهم من ذلك القدرة على استنطاق الحقيقة، ونقل ما نراه بأعين حدقتها أوسع من عدسة الكاميرا، فليست الصورة كما هي، كما ينقلها الكاتب أو الأديب بل ما وراءها..أجل، فما خفي أعظم!

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟