د. أسامة أحمد المصطفى

فشل المجموعات الحاكمة في السودان في وضع وتطبيق برنامج سياسي واجتماعي واقتصادي يتناول ويقدم الحلول لمشكلات التنمية المتوازنة، وتقسيم السلطة والثروة بشكل يراعي التعدد الإثني والقومي والتفاوت الإقليمي، بشكل يحفز الجميع للإسهام في الإنتاج المادي والثقافي بتقديم خطاب يوحد الجماهير، يلهمهم ويعطيهم أملاً في المستقبل؛ حال دون طرح إشكالية لوضع استراتيجية لانتقال السلطة، للخروج بالبلاد من الأزمة، وإيصالها إلى مرفأ الاستقرار، ولا تزال هي المعضلة السودانية حتى بعد الثورة.

منذ السادس من أبريل الماضي، والشعب السوداني يخرج في مسيرات مليونية عبر مختلف ولايات الوطن، من أجل صناعة مستقبل دولته، ولا يوجد مَن يستطيع إنكار ما حققه، لكن الاستقرار الأمني في السودان قد يكون مهدّداً على المدى الأبعد، إذا لم تنتهِ الأزمة السياسية الحالية بحلول تفتح آفاق تدعيم الاستقرار، ومشاركة المجتمع السوداني في صناعة القرار.

العمل على تجسير العلاقة بين الشعب والجيش بكل مسمياته وخلق مساحة تشاركيّة تضع استقرار الوطن في الأولوية القصوى، يرتبطان بترقب مليونية 30 يونيو 2019 المقبل، من: مجلس الأمن، والأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، بل إن كل منظمات المجتمع المدني في معظم بلدان العالم تترقب ما سيحدث في هذا اليوم.

قد تكون الحكمة تنازل المجلس العسكري للبحث عن مساحة للتوافق مع قوى الحرية والتغيير التي تقود الثورة، ولكن هل سيؤدي هذا الحراك إلى التوافق أو التصعيد؟.. مع وجود إجماع نسبي على توجه الأوضاع في السودان إلى الحل من خلال التوافق على صيغة مشتركة بين الحراك والمؤسسات، لذا نعتقد أنّ على الجيش السوداني أن يعمل بكل قدراته على تحقيق هدفين رئيسين، وهما: منع انزلاق البلاد إلى الفوضى بكل ما لديه من حكمة، والبحث عن طريقة مثلى لتسليم الحكم للشعب.

الانقسام الرّاهن إنما يفرض مخاطر واسعة في السودان، على أساس أن استمرار الصراع لا يمكن أن نستهين به؛ فحالة الشلل التي أصابت قطاعات عديدة ومختلفة في السودان سواء قطاعات إنتاجية أو خدمية، تسفر عن خسائر بالمليارات إن استمر الوضع على ما هو عليه من الاضطراب.

يبقي أن الرهان على مليونية 30 يونيو وما سيسفر عنها من مخرجات، فربما ستكون نقلة نوعية في بلورة أطر تصالحية لتكون مخرجاً حقيقياً من الأزمة في مرحلتها الحرجة، وللخروج من نفق الخلاف الدائر بين المجلس العسكري والثوار، ممثلين بقوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟