د. محمد لعقاب

يرى كثير من المحللين أن الحراك الشعبي في الجزائر منذ 22 فبراير الماضي حقق كامل أهدافه وزيادة، لأن الأهداف المعبر عنها تمثلت أساسا في ذهاب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ومحاربة الفساد، لكنه حقق الأهم بوقوف الجيش إلى جانب الشعب، وتدخله بفرض تطبيق المادة 102 من الدستور، فأرغم بوتفليقة على الاستقالة.

بعدها بدأت عملية محاربة الفساد ورموزه، بعد أن أسهم الجيش في تحرير العدالة، التي فتحت التحقيقات في قضايا فساد أدت إلى توقيف العديد من رجال المال والأعمال والوزراء والعسكريين، ولم تكن حتى هوليوود الأمريكية أو بوليود الهندية، بمقدورها صياغة سيناريو لفيلم بهذه النهاية الدراماتيكية لرجال الرئيس بوتفليقة.

كل هذه المعطيات تعني أن «تحالف الجيش والشعب» حقق كل مطالب الحراك، لكنه لم يتمكن من تنظيم الانتخابات الرئاسية، حيث تم إلغاء رئاسيات الرابع من يوليو 2019، ولم يتم تحديد موعد آخر لها.

والحقيقة أن الجيش لم يفشل في تنظيمها، فلو أراد لتمكن، لكنه رأى أن محاربة الفساد أولى من تنظيم الانتخابات وأنه يجب «تحييد» رجال المال الفاسدين والنخبة السياسية الفاسدة المؤثرة أولاً، لأن لديها القدرة على شراء الذمم، وبالتَّالي التحكم في نتائج الانتخابات بشكل مسبق، لذلك لم يذكر قائد الأركان في أي خطاب من خطبه تاريخ الرابع من يوليو.

وبعد أن نجحت عملية محاربة الفساد، دعا الجيش إلى الحوار من أجل العودة إلى الانتخابات، وبالموازاة تم تسريب مشروع قانون يتعلق بـ«سلطة تنظيم الانتخابات» ذات صلاحيات واسعة، بحيث لا يصبح للحكومة أي دخل في ذلك.

لكن المشكلة الآن، هو أن البرلمان الجزائري «شبه معطل» حيث رفض النواب العمل مع رئيس البرلمان الحالي معاذ بوشارب، الأمر الذي يعطل المصادقة على مشروع القانون.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


من ناحية أخرى، يرغب الجيش في أن يتركز الحوار حول «تنظيم الانتخابات فقط»، بينما ترغب الأحزاب في توسيع النقاش، كما أنها تطالب الجيش بأن يكون محاوراً مباشراً وهذا ما يرفضه قائد الأركان.

لحد الآن، يبدو أن الأزمة تراوح مكانها، لكن في الواقع تحققت كثير من الأشياء التي تمهد للحل، منها: تراجع المعارضة الحزبية عن تطرفها، ونجاح الجيش في عزل رؤوس الفساد، وفشل «الأقلية الأيديولوجية» في تحريك الشارع ضد قائد الأركان الذي حذر من رفع الراية البربرية في المسيرات، ويبدو أن شهر يوليو سيشهد تنازلات متبادلة قد تدفع نحو الرئاسيات.